ذكريات الولد الشقي..أنغام لا تُنسى


فايل المطاعني
لكل ولدٍ شقيٍّ حكاية، ولكل حكاية نغمة، ولكل نغمة رفاق ضحكوا وبكوا على لحنٍ واحد…
وحكايتي هذه ليست مجرّد سطور، بل هي نوتة قلبية عزفناها على مسرح الصداقة، وغنّيناها بصوت المراهقة، وحلمنا بها كما يحلم الصغار بمجدٍ كبير.
من أجمل أيّام العمر، تلك التي عشناها في مقاعد الدراسة…لكن الأجمل حقًا؟
هو حين يتحوّل الفصل إلى مسرح، والسبورة إلى خلفية حفل، والدفاتر إلى دفوف نغني عليها.
وهكذا كنّا — شلّة طلاب، لكن في دواخلنا موسيقيون بالفطرة.
في الصف الثاني الثانوي، ولد الحلم فجأة:
“ليش ما نكوّن فرقة؟”
قالها أحدنا، فأضاءت كأنها شرارة كهربائية، فصرخنا كلنا بحماس الأطفال حين يُمنحون مساحة للجنون الجميل.كان حب الموسيقى يجري في عروقنا مثل الدم، بل ربما أسرع!
في تلك الفترة، كانت الفرق الموسيقية تصنع صيتًا لا يُقاوَم — فرقة ميامي، الإخوة، المصريين، الأصدقاء… وأنا كنت مغرمًا بالأخيرة، خصوصًا علاء عبد الخالق ومنى عبدالغني، وحنان التي أذابتنا بضحكتها الجريئة.وشكّلنا الفرقة!
سمّيناها: عقارب بور هاوز. بس قلنا نكون “مودرن”، فاختصرناها إلى: B & H
وكان اسمنا يمشي على شفاهنا كما يمشي الإيقاع على آلة الكيبورد. نظمنا أول حفل في فندق الهيلتون بالعين، ليلة رأس السنة.
الجمهور؟ مزيج من الدهشة والانبهار.
الأغنية؟ “بنسير عمان” — أغنية كانت أقرب إلى صرخة شباب يفتخر بوطنه ويغني للغد.
وغنّينا، وصفّقوا، وصرنا نجوم الحيّ — لا بل نجوم قلوبنا نحن أولًا. كنّا كأغنية تجمّعت من سبعة أوطان: عمان، سوريا، السودان، العراق، الإمارات…
فرقة صغيرة، لكن حلمها بحجم الوطن العربي.
لكن، كما هو الحال مع معظم الفرق المدرسية، تخرّجنا… وتفرّقنا ، كلٌّ رحل في طريقه: من عاد إلى بلاده، ومن طار إلى أوروبا لإكمال المشوار.
لكن الذي لم يرحل أبدًا ذلك اللحن الذي لا يزال يعزف وحده حين يغفو الجميع.
الختام:
كم من حلمٍ صغير…كَبُرَ فينا حتى صار ذكرى لا تشيخ.
وكم من نغمة عابرة…تحوّلت إلى نشيد دائم نسمعه حين نُغلق أعيننا ونسافر عبر الزمن.قد تفترق الأجساد، وتبهت الصور، وتغيب الميكروفونات،
لكن الذكريات تبقى تُغنّي لنا، متى ما أردنا أن نبتسم بلا سبب. دمتم بنغمةٍ لا تنطفئ
الولد الشقي