لا أخلاق بلا أذواق


الشاعر :مصطفي محمد كردى
لقد أخطأتَ في خُلُقٍ وحُكمٍ
وزادَ الوهمَ جَزمُكَ بالصَّوابِ
فأهلُ اللهِ قد قالوا بكشفٍ
وأنتَ مع التّوهُّمِ في الحجابِ
وما خرقوا الظّواهرَ في ثبوتٍ
وما تركوا الشّرائعَ باقترابِ
ولكنّ الفهومَ لها عيونٌ
تَرى من بينِ ألفاظِ الكتابِ
فإن أنكرتَ لم تُنكِر محالًا
بلِ الإنكارُ أشبهُ باضطرابِ
فلا إنكارَ إلا في مُحالٍ
وإن أنكرتَ أنكِر بالعِتابِ
ووجهُ الغَيبِ محجوبٌ بوَهمٍ
وكشفُ الغَيبِ في كشفِ النِّقابِ
فأهلُ اللهِ في كشفٍ وعينٍ
وأمّا أنتَ بَحثُكَ في التُّرابِ
فصحِّح ما ترى من خُلفِ قولٍ
فما قالوهُ أصلٌ في الخطابِ
وهم عرفوا الحقيقةَ من عيونٍ
تخلّت عن مشاهدةِ اليَبابِ
فصارَ العلمُ علمًا من عَمارٍ
وأمّا العلمُ عندكَ في الخرابِ
وهم شهدوا الصّفاتِ بلا نفوسٍ
فبانَ الشَّهدُ في عَينِ العذابِ
وبعد الوصفِ قد طاروا لذاتٍ
تجلّت في السّماءِ بلا سحابِ
فما بعد العِيانِ لهم كلامٌ
وإنْ قالوا فليسَ عن اكتسابِ
فإنْ قلتَ الذي قد قالَ عبدٌ
فخَف من حَربِهم عند الحسابِ
وإن كان الذي ألقاهُ ربًّا
فأحسِن في الرُّدودِ بلا ارتيابِ
أتمشي في ثيابِ الزُّورِ ردًّا
وتزعُمُ شرعَ ربّيَ بالثّيابِ
فشرعُ اللهِ أوسعُ من جدالٍ
ومن مَكرٍ مَكرتَ مع الصِّحابِ
فهل يُنجيكَ من قَدٍّ قميصٌ
ولو شهدَ الشّهودُ بكلِّ بابِ
فأنتَ سَفكتَ حُرمَتَهم بِنابٍ
وما كنتَ المُبرّأَ كالذِّئابِ
فإنْ يغفِر فعن فضلٍ وإلّا
عرفتَ صوابَهم بعدَ العِقابِ