رسالة إلى جوري


مريم عبدالرحمن الهوتي
صغيرتي جوري ها قد قاربت الأربعين يوماً من عمرك، كل يومٍ كنت أراقبك فيه وأنتِ تكبرين، كانت تزهر وردة جوري في قلبي، وكان الحب يكبر يوماً بعد يوم، وحين تبكين، كنت أضمك بقوة إلى صدري، حتى تتناغم نبضات قلبك بنبضي، وكان نبضك الصوت ونبضي الصدى.
كنتُ أراقب نظراتك، وعينيكِ الجميلتين واُقبّل يداك ورجلاك الصغيرة .
عندما أكملت الشهر بدأتِ بالتناغي ووضحت لديك الرؤية كلما مر وجهي أمامك التفتِ نحوه وكنتِ تتأملين بصمت لبرهة عند سماع صوتي، وكأنكِ تعرفينني ولكنك لا تنطقين كي تناديني بل كنتِ تضحكين معي وتبتسمين عندما كنت ألاعبك، نعم حبيبتي ووردة قلبي أنا جدتك ِ يا أولى أحفادي، جدتك التي كانت تنتظرك ِ طوال الأشهر التسعة الماضية بكل لهفة لتحملك بين يديها كما حملت أمك.
كل يوم كنتُ أراك بملامح مختلفة، كل يوم كنتِ تشبهين أحد والديكِ أو أحد اقربائك او أشباهك الأربعين، وكنتُ أسألك كل يوم، اليوم من تشبهين ؟!. وفي وجهك استغراب من لغة الحنان في صوتي الذي تشبه خرير الماء وزقزقة العصافير وعزيف الرياح وتساقط قطرات الندى على أوراق الأشجار فجراً، وكنتِ تُسقطين عليها صوت بكائك كل فجر حتى تختفي الأصوات جميعها وكأنكِ رميت حجر صغير في بركة ماء عذبة، ويبقى صوت صياحك في مسمعي، وصوت نبضي يهيم في مسمعك.
ها هو اليوم الاربعين من عمرك، قد حان وحان موعد بعادك عني، سوف تذهبين الى بيتك مع والديكِ، وأنا سوف أعدُّ الأيام حتى تعودين إلي في زيارة أسبوعية.
أتعلمين يا جوري إن من أجمل عادتنا الإجتماعية أن تبقى الأبنة في ضيافة والديها ورعاية والدتها أربعين يوماً بعد ولادتها أحفادهن، وهي من أجمل حقوق الوالدين ليتدفق نبع الحنان من جديد في قلبيهما ولتوقظ الأمومة من قلب الجدة من جديد، ويعود ذلك الخوف في قلب الجد على أحفاده كما كان موجوداً في قلبه على أبنائه، وجود الأحفاد في حياة الأجداد يعيد مجرى نهر السعادة في البيت، ينابيع الحب تتدفق بين اصابعهما من جديد.
يقال ليس أعز من الولد إلا ولد الولد
إن حبك طغى على حب والدتك ِ
وكأنهما يرون طفولة أبنائهم في أحفادهم بكل تفاصيلها.
حبيبتي جوري سوف اقرأ عليك مذكراتي عندما تكبرين وأحدثك عن طفولة أمكِ وسوف أكتب عنك الكثير الكثير في دفاتري حتى يصبح دفتري بستاناً من ورد الجوري .