مزاح مع العمر


الكاتبة : فتحية اللبودي
مزاح العمر و غصة هناك…
لا يدفعنا شيء لقول شيء، فقط أردنا أن نتحدّث دون دافع هذه المرة، محاولة منّا علّنا ننزع لباس الحزن و آلام الحياة و الإحساس بالزّمن و معنى الحياة و غيرها من مواضيع لبسناها دون وعي منّا ربّما، فلصقت بنا كأنسجام متحابين طال بينها العهد حتى أحترقا شوقا، كذلك حالنا و هذه المواضيع التي أمتلأت غصّة و فاضت ألما و حرقة، أردنا أن نغيّر التجربة أن نكتب دون وازع للكتابة أن نكتب و نحن في كامل نشوتنا بالحياة بل ربّما ونحن نحبّ الحياة ونحاول أن نحبّها، أردناه نصّا محبّا للحياة….
نراها جميلة دون أن نعرفها مازال أكبرنا سنّا يحبو و مازال صغيرنا لم يولد بعد، لا يعني ذلك أنّنا صغار السّنّ بل الغرّ هو مدار اهتمامنا، أكبرنا سنّا يحبو في معرفة الحياة، مازال لم ير الحياة بعد، أصغرنا لا يعرف كلمة حياة أصلا يظنّ أنّنا في مرحلة اللامرحلة…
لاوعي قاتل داخلي لا يستطيع أن يظلّ ساكنا صامتا أخرس، بل يتكلّم و يكتب وحده و يفسد نص الحياة و ينشئ العدم يقول: هم في غياهب العدم بالنّسبة لي أما أنت فتراهم في نشوة النّشوة…
مازلنا نراها جميلة – و مازالوا لا يدرون أنهم في غياهب العدم- نرى الآن فرحة الوليد، فرحة النّاجح، فرحة المجاز، فرحة العامل، فرحة المتزوّج، فرحة الأب، فرحة الأم، فرحة الفرحة الأولى، فرحة الجدّ، فرحة الجدّة،… مازال في وسعنا أن نعيش كما لم نعش قبل مازالت دورة التجديد ملك يميننا و مازال الأبد يحيا من أجلنا، الاستمرار هو ما نعيشه، ثقتنا بالحياة أملنا نحو المستقبل…
لا وعي يتكلّم يصرخ يحاول أَن يجد مخرجا من هذا الكون الناجح المتأمّل المفعم حياة و أملا يقول: ماهذا الهراء، هل حقّا مازال هناك من يعتقد هذا الاعتقاد زمن ما بعد العولمة، قهقهة داخلية تترجم غيضا و غصّة أما مزاح بارد لا يعي من الحياة واقعها…
و يواصل كلامه دون استئذان صاحب النص فيكتب عنه مراده
لم نر بعد حزن المرض، حزن الفشل، حزن الموت، حزن الغدر، حزن الفقد، حزن الأيام،… لم تر بعد تفاهة الحياة أمام قسوة نوائبها، فالنوائب يا صاحبي ما تجعلك تفقه أن الحياة ليست لغافل أو جاهل بل هي لمن عرفها، تدبرها، عطفت عليه بلكمات موجعة، أضنته، أرهقته، أنسته الفرح حتى إذا ما فرح يوما ظنّه هدية من القدر، حتى إذا ما فرح يوما أستصغر نفسه، حتى إذا ما فرح يوما أثقلت عليه نفسه و هي التي ترى أنها غير جديرة بالفرح، أمازال أمامك ما تقول للحياة….
الحياة فرح العاشق دون ألم، فرح العامل دون تعب، فرح المتعلم دون فشل، فرح العائلة دون صراع، فرح بالحياة دون إحساس بالموت،….
لا وعي حاضر: قطعا ذاك هو الغباء بعينه، يهرب من حقيقة الوجود و هو يعرفه يراه و يسمعه و يتكلمه و يعيه، الألم، التعب، الفشل، الصراع، الموت، تلك الحياة الحقيقية،…
ماذا عن العشق، العمل، التعلم، العائلة، الحياة، أليست هي الحياة،…
لا وعي قابع في الصميم: خيال ما تظنّه يجسّد الحياة هي أعظم من ذاك و أرقى من فهم بسيط لها هي الألم العظيم في موقف عظيم و مع أناس عظماء في زمن عظيم و في مكان عظيم هي الموت دون أن تشعر بالخطايا، هي البياض زمن السواد، هي أنت تواجه الأحد وحدك، عندما تموت وحدك بعد أن تكون أدّيت الأمانة إلى صاحبها…
كان مزاح العمر القصير قصيرا أمام غصة الموت الذي هناك العظيم، لا وعي واع يذكّرنا بالأنا الزكيّة،… نص الحياة استحال موتا مجسّدا… لكن الحياة فرح وبهجة في النهاية ولا تكون إلا ذاك….