زمان الوصل


الشاعر :مصطفي محمد كردى
ذهبَ الزّمانُ بأنسهِ وزمانهِ
وأتى بنارِ الحبِّ بعد جِنانهِ
وتجرّعَ القلبُ الرّقيقُ بفقدهِ
أشجانَ همٍّ زادَ في أشجانهِ
وتلوّنت من بعدهِ أحزانهُ
فالحزنُ ألوانٌ على ألوانهِ
قد كان يحيا في بحارِ نعيمهِ
واليوم لا يلوي على شطآنهِ
كالطّفلِ عاشَ على الرّضاعِ بحضنهِ
واليوم غابَ الطّفلُ عن أحضانهِ
رُميَ الفؤادُ بقاعِ يأسٍ قاتلٍ
يبكي الأسى أن صارَ في قيعانهِ
وتساقطت أوراقُ وصلٍ زاهرٍ
يبست بُعيدَ الهجرِ من أفنانهِ
كان الجمالُ بوجههِ وبقلبهِ
كالبدرِ يعلو جَلَّ في أقرانهِ
لهفي على تلك العيونِ وحسنِها
وحديثِ ثغرٍ ساحرٍ ببيانهِ
وسُلافةٍ سكرت بشَمِّ رحيقِها
أنفاسُ ريمٍ سارحٍ من حانهِ
لو أحسنَ الحُسنُ الذي من كفّهِ
لمدافنٍ عاشت على إحسانهِ
أو أنّ ريقًا من هتونِ كلامهِ
نزلت قفارًا سارَ في كثبانهِ
كالنّهرِ يجري بين ركبانِ الهوى
شعرًا كما الأفراحِ في أوزانهِ
يا ليت أيامَ الهوى تروي لنا
عن ماءِ حبٍّ غامرٍ بحنانهِ
فالصبُّ صارَ بصبّهِ متولِّهًا
قد جُنَّ بعد مُصابهِ بجَنانهِ