الملاذُ الأخير


محمد يوسف الهياهيا_
الواحدةُ صباحاً.. ومابَرِحَ الإبهام يُداعبُ شاشةَ هاتفي بعد أن بات الملاذَ الأخيرَ للدفاع عن ما تبقى من تطلعاتي التي تمَزقتْ بعاملِ سوءِ الواقع وإنحلاله، فأنفُذُ عبر تلك البوابةِ المُصغرة ، لأُحَفِزَ ذاتي بمشاهدة تفاصيل حضارات البُلدان الراقية أو كما يسمونها “دول العالم الأول” ، فأُقهقهُ ! بعد طرح سؤالٍ هزليٍ عن ماهيةِ ترتيبنا.. هو بالطبع ليس بالثالث كما يَزعمون، فترتيبنا الواقعيُ يحتاجُ على الأقل لثلاثةِ خاناتٍ من الأرقام، كي لا يُخدعَ الصدأ بأنه نظيرُ البرونز، ولا يتوهم الحمقى أنهم على قيد الحياة.
ليأتي ذاك المُتبخترُ بكلماتٍ ثلاث:( نحن دُعاةُ الآخرة) وكأن بلوغ السماءِ مرهونٌ بالتعاسة و إهمالِ الأرض والخمولِ فيها !، فذاك الأحمقُ لم يستوعِب بعدُ مضامينَ الرسالات السماوية الإنسانية وتمَثُلها في الإيمانِ و إعمارِ الأرض وتطويرها لتكون مدخلاً للخلودِ الأُخروي، مثل هؤلاء في الحقيقة يُفَصِّلونَ ستاراً بما يُناسبُ تغطية صدأهِم وتخلفهم وإن كان على حِساب العقيدة الصحيحة.
لكن لا محالة ستُلجمُ أفواهُ السُذج في الأرض قبل السماء فتُفتحُ الأبوابُ ليسموَ أولوا الألبابِ و نظفر بالرفاه المرير ويتسعُ الملاذُ الأخير.