سنابل لم تجف…الجزء الثالث


سميره بن سلمه التميمي
زفرت أمي زفرات عميقة، خيل لي أنها تطرد فيها كل السموم التي لوثت حياتها في الماضي.
ثم تابعت قائلة : بحكم عمل أختي سنابل في التمريض، كان من السهل عليها إجراء أي فحص طبي أو تحليل واستلام نتيجته بنفسها،. وكانت سنابل غالبا تستلم معظم فحوصاتنا وتقاريرنا وقبل عقد قرانها بأسبوع كانت تشعر ببعض التعب والألم، فأخبرتني بأنها تشك في أمر ما وأنها أجرت فحوصات وستتأكد من ذلك اليوم، وفي المساء وعندما عادت من عملها، دخلت غرفتنا وأحتضنتني بقوة، كانت تبكي بكاءا مرا، حاولت تهدئتها بصعوبة بالغة. حتى أستطيع أن أتحدث معها،
قالت لي والدموع تفر من عينيها : ظهرت نتيجة فحوصاتي يامناهل، أنا مصابة بالسرطان!!
قلت لها : لعلك أخطاتي ياأختي صدقيني لا أظن هذا الكلام صحيحا، لاعليك ستتزوجين بخالد وسنزفك في ليلة جميلة و………قاطعتني وهي تبكي بصوت عال وأرتمت على سريرها
أحتضنتها وظللنا نبكي طويلا.
………..
في المساء كنا قد أتفقنا أنا وسنابل على أمور كثيرة بخصوص زواجها، صدقني يابني أنا لم أوافق لأني مخادعة، أنا… أنا….ياعمر!!
قلت لها : أمي….. أنت أجمل وأطهر وأنقى أم عرفتها في حياتي ألم يقل هذا والدي قبل وفاته.؟؟
نظرت إلي وهي تمسح دموعها، تغالب الحزن الذي أكتوت به سنينا من عمرها حتى أحترق منها أجمله.
قالت أمي : أنا أيضا كنت معجبة بأبيك كثيرا، ذلك لأنه إبن عمنا الوحيد الذي كان يتردد على منزلنا ونحن صغار ويلعب معنا، كان خالد يحميني كثيرا من سنابل وكنت أظنه عندما نكبر سيخطبني، لكني تفاجأت بخطبته لسنابل؟
آآآآآآه يابني…..
الحب في الأرض بعض من تخيلنا
لو لم نجده عليها لاخترعناهُ
أن شخصية خالتك سنابل كانت جذابة أكثر مني، سنابل رحمها الله كانت تحب الحياة، مرحة جدا وجريئة جدا، وشقية كثيرا، عكسي تماما كنت خجولة جدا، ومدلله.وحماية خالد حينها لي إنما كانت لضعفي، وتعاطفه معي.
عمر : نعم ياأمي ثم ماذا؟
ثم لما خطب خالد سنابل وكنا وقتها في المرحلة الأخيرة من الثانوية أخفيت هذا الإعجاب ودفنت هذه المودة.
و أصدق الحبِّ شوقٌ لا نبوح بهِ
لكنّ وطْأَتَهُ تغزو ملامحَنا
وباركت لأختي التي لم تكن تتحدث عن خالد أبدا في صبانا عكسي تماما،.ولست أدري ماحقيقة شعورها نحو خالد، كنت أحدثها بإعجابي به كثيرا، وأني أتمنى أن يكون هو زوجي في المستقبل. وكانت فقط تبتسم وتصمت عن التعليق.
مر أسبوع كنت أصارع فيها قرار سنابل وخطتها المحكمة، كنت مترددة كثيرا، كان بداخلي شعور عميق بالفرح بأن الله ساق لي قدرا جميلا كنت أصحو وأغفو عليه، وفي نفس اللحظة كنت أشعر بالخوف من أن تفشل الخطة ولا تنجح! كنت أشعر بشيء ثقيل على صدري وفي قدمي يمنعني من الركض بقوة، بل ومن أن أنفذ هذه الخطة.
“في الصدرِ شوقٌ أداريهِ فيفضحُني
شحوبُ وجهٍ عليه يَظهرُ الولَهُ
لو أنزل اللهُ أشواقي على جبلٍ
لزَلزلَ الحبُ أعلاهُ وأسفلَهُ”
بينما في زاوية اخرى كانت سنابل تصارع قلق مرضها،. وتفكر به كثيرا، وكعادتها لم تفكر بما أعيشه أنا من صراع هذا القرار، ونتيجته مستقبلا. لقد أحكمت الخطة جيدا ونجاحها يعتمد على تنفيذي أنا بنفس مهارتها وذكائها الإجتماعي،
خلال هذا الأسبوع لاحظ الجميع ذبولها، وكانوا يظنون أنه بسبب التفكير في الزواج فقط.
قالت لي ذات مرة : مناهل إن الحب الصادق النقي هو الذي ينتصر،. وإن السنابل التي أرتوت بالحب الحقيقي لن تجف، هناك سنابل كثيرة تذبل وتموت لأنها ليست على أرضها الحقيقية!!! ثم تبكي
لم أكن أعلم مالذي تقصده؟ لكنني علمت بذلك قبل وفاتها رحمها الله وكنت أظن أن الحقيقة ستغير من تعامل والدك معي، لكنه رحمه الله زاد قسوة وجفاءا
وجاءت ليلة عقد القران يابني، الليلة الحاسمة التي أكتويت فيها بالحزن والوجع ألف مرة، وذابت فيها سنابل للأبد …. وتم عقدي على أبيك!
عمر : كيف حدث ذلك ياأمي؟؟
للقصة بقية….