كاتب في سطور.. التعبير عن العيد

كل عام وأنتم بخير، عيد سعيد.
اعتنى الأدباء العرب
في كتاباتهم و إنتاجاتهم الأدبية بين المقال والشعر والنثر ، في كل مناسبة دينية واجتماعية و أعطوها مساحة خاصة من ذاكرة الأدب والثقافة العربية .
البعض استقبل العيد تارة بمشاعر من فرح ، و البعض الآخر بمشاعر من الحزن و الأسى و خاصة أنها عكست الأحوال الاجتماعية والمادية في البلاد والأمة الإسلامية بصفة عامة.
بدءاً بإيليا أبو ماضي، وقصيدته الشهيرة التي برأيي أنه استخدم فيها العيد، وجعله أداة، كي يوصل رسالته الغزلية إلى الحبيبة معتذرا بطريقة شعرية عن تقديم هدية إلى محبوبته:
أيّ شيء في العيد أهدي إليك
يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟
أسوار؟ أم دملجا من نضار؟
لا أحبّ القيود في معصميك
أم ورودا؟ والورد أجمله عندي
الذي قد نشقت من خدّيك
أم عقيقا كمهجتي يتلظى؟
والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعزّ من الروح
وروحي مرهونة في يديك.
الرافعي يقول:
«جاء يوم العيد، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحدَه لا يستمر أكثرَ من يوم».
ثم يبدأ بوصف العيد كما نعرفه، يوم الفرح، الزينة، الملابس الجديدة، الحلوى، الرضا والسعادة.
على الإنسان أن ينسى كل شيء لفترة محدودة، يعيش زمناً آخر، يفرح مع أطفاله، يضحك، ينسى همومه وأشغاله وديونه وأتراحه، ليوم واحد .
ما أجمل لو استطعنا
أخذ إجازة من همومنا،
أن نُفعّل تلك القدرة، وأن نأخذ إجازات أطول أو على الأقل أن نكررها كلما احتجنا، أقول:
ربما كنا أكثر سعادة وانسجاماً مع الحياة.
غادة السمان تقول في روايتها ليل الغرباء:
«والعيد مستمر، العيد يبقى، والأطفال فقط يتبدلون» ،حالة العيد، البهجة، الفرح الذي يشع من عيون الأطفال، حالة خاصة بالأطفال، نتذكر نحن العيد، بحنين، نتذكر الفرح ونقول:
ليت تلك الأيام تعود، وهي لا تعود، نحن كبرنا، العيد لم يتغير، نحن تغيرنا، العيد للأطفال، سيتذكرونه يوماً حين يكبرون، بنفس الحنين، ويعيدون نفس العبارة، والعيد هو العيد.
ويقول الشاعر الفيلسوف المهاجر جبران خليل جبران:
هل الهلال فحيوا طالع العيد
حيوا البشير بتحقيق المواعيد
يا أيها الرمز تستجلي العقول به
لحكمة الله معنى غير محدود
كأن حسنك هذا وهو رائعنا
حسن لبكر من الأقمار مولود
لله في الخلق آيات وأعجبها
تجديد روعتها في كل تجديد
هناك أيضاً الشاعر الذي يستخدم العيد للتأكيد على قضيته التي يسخّر كل أدبه لها، هذا ما قام به أمل دنقل في قصيدته، تعليق على ما حدث:
«قلت لكم مراراً
إن الطوابير التي تمر..
في استعراض عيد الفطر والجلاء
(فتهتف النساء في النوافذ انبهاراً)
لا تصنع انتصاراً.»
كذلك فعلت إنعام كجة جي في روايتها الحفيدة الأميركية وهي تتحدث عن العراق: «هل تفرح في العيد أعين تنام على فزع وعليه تستيقظ؟».
وعودة للبيت الأشهر والأكثر تداولاً بين الناس حين يأتي العيد ما قاله المتنبي:
«عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد»
وهي قصيدة حزينة، ويحزنني أن يتداولها الناس في العيد.
و ها هو عمر خليفة النامي في قصيدته باسم “يا ليلة العيد” وهو يتخيل أطفاله ينتظرونه في ليلة العيد ولكنه في الحقيقة حبيسًا مقيد داخل حجرة ضيقة:
يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًـا .. لكن حظي كان الحــزن والأرق .
أكاد أبصرهم والدمع يطفر مـن .. أجفانهم ودعاء الحـب يختنـق
ياعيد، يا فرحة الأطفال
ما صنعت .. أطفالنا نحن والأقفـال تنغلـق
ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا .. والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق
يظل العيد عبر الأجيال مَعبراً للفرح والبهجة والتراحم .
في العيد ينعتق القلب من همومه …وأورد النويري في كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب” شيئاً مما هنئ به في المواسم والقدوم، ومن ذلك ما قاله ابن الرومي في تهنئةً بعيد الفطر:
قد مضى الصوم صاحباً محموداً
وأتى الفطر صاحباً مودوداً
ذهب الصوم وهو يحيك نسكاً
وأتى الفطر وهو يحيك جودا