اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ : مراعاة المقام أمر نابع من طبيعة الدين الإسلامي


محمود الحسينى
أكد الدكتور يوسف عامر، نائب رئيس جامعة الأزهر السابق، ورئيس اللجنة الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ المصري، أن مراعاة المقام أمر نابع من طبيعة الدين الإسلامي الذي هو عماد حضارتِنا.
وأوضح عامر خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة الأزهر بالإسكندرية الذي انعقد تحت عنوان: «مراعاة المقام وأبعاده التداولية في الفكر العربي والإسلامي» أن مراعاة المقام تقتضي أنْ يكونَ الكلامُ مُناسبًا لما يَتطلبُهُ الموقِفُ، وهذا أمرٌ مراعًى في القديمِ وفي الحديثِ، لكنَّ حظَّه من المراعاة في حضارتِنا حظٌّ وافٍ،
اقراء أيضا: الكيلاني: الاستعانة بموظفي قصور الثقافة بالمكتبات التى تم الانتهاء من إنشائها
وقال: إن نظرة في بعض علومِنا تُبيّنُ هذا أجْلَى بيانٍ؛ فعلمُ البلاغةِ -مثَلًا- هو العلمُ الذي يُعرّفُ الدارسَ كيفَ يجعلُ كلامَهُ مُطابقًا للمَقَامِ الذي هو فيهِ، ويتجلي هذا أيضًا في علمِ تفسيرِ القرآنِ الكريمِ، الذي لا تَنفدُ معانيهِ ولا تنتهي معارفُه؛ إذ مِن وُجوهِ إعجازِه أنّ الآيةَ الواحدةَ منه وإنْ نزلَتْ بمناسبةِ واقعةٍ معينةٍ إلا أنَّ لفظَها عامٌّ، يتسعُ مدَدُ المعاني فيهِ لوقائعَ لا تدخُلُ تحتَ حصرٍ يستخرجُها المفسِّرُ المجتهدُ بثاقِبِ نظرِهِ مراعيًا المَقَامِ الذي هو بصددِه، خاصة وأن مراعاة المَقَامِ أمرٌ نابعٌ من طبيعةِ الدينِ الإسلاميِّ الذي هو عِمادُ حضارتِنا، فالدينُ الإسلاميُّ هو الرسالةُ الخاتمَةُ لكلِّ البشرِ، وهذا يقتضي أنْ تكونَ متجاوزةً لحدودِ الزمانِ والمكانِ والأشخاصِ والأحوالِ والطباعِ واللغاتِ، مشيرًا إلى أنه يتحتم على علمائِنا مراعاةُ المقامِ مرتيْنِ؛ مرةً حينَ النظرِ في المَقاماتِ التي تنزَّلتْ فيها التشريعاتُ والأحكامُ؛ لتحصيلِ الفهْمِ العميقِ لها، والوعيِ الشاملِ بها، ومرةً حينَ تُنزّلُ هذه الأحكامُ على الواقعِ المستجَدِّ، الذي يحياهُ العلماءُ المجتهدونَ؛ إذ لا بدَّ من مراعاة تغيّرِ الزمانِ والمكانِ والأحوالِ والأشخاصِ.
وأوضح عامر أن الإدراكَ العميقَ للأحوالِ والمقاماتِ هو الذي جعلَ علماءَ الأُمَّةِ منذُ عهدِ الصحابة رضوانُ الله عليهم يُفرّقونَ بين ما قامَ بهِ سيدُنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ باعتبارِه نبيًّا، وما صدرَ منه صلى اللهُ عليه وسلم باعتبارِه إمامًا للمسلمينَ