Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

لم نكتب؟

فتحية اللبودى

فتحية اللبودى

تناديكَ دون أن تقرّر فتلبّي النّداء دون أن تفكّر، وتقول:

في بداية كلّ ضائقة تأتي الأفراح فتسأل نفسك هل الفرح دائم أم أنّ الإنسان يخاف أن لا يأتي مرّة أخرى فيفرح ملء الأرض؟ أم أنّ الفرح صعب حتى نخاف أن ينتهي فنفرح ملء طاقتنا…

في حالات اللافرح كيف يكون حال الإنسان؟ ربّما حزن؟ وربّما اللاشيء… وربّما هو لا يشعر أصلا بوجوده فيظلّ مثل ورقة شجرة تسبح في جدول مياه بهدوء رتيب تغذّيه موسيقى الخرير حتّى إذا ما أطلّت نهاية الجدول كان الزّحام وانتهى شعور ما وحلّ محلّه شيء آخر….

أنت من أيقظ فيّ حسّ الكتابة فلا تنتظر موتي….

 

كنّا في ما مضى عددا وحلما ربّما حلما بسيطا حتما لا نعرفه لكنّنا نعلم اليوم أنّنا كنّا حلما رائعا فذلك ما نشعر به، أصبحت هذه الأحلام حقائق لكنّها ليست مجدية. أعلم أنّي لم أحصّل إلى اليوم ما يسدّ ثغرة في حائط مظلم لينتشر النّور كما شاء له خالقه، هل كان ذلك خطئي أم كان امتحان القدر اللانهائي. إن الخطأ يجعلك تحاول تصحيحا في حركة تراها معاكسة لما هو كائن. فهل تنجح؟؟

تعود لتحاول حرث أرض تكتنز بالصخور الكلسيّة التي تُعيق عملك فترى القدر يلاحقك مرّة أخرى بامتحانه الصّعب لكن تقول في نفسك لماذا لا أعاقبُ وحدي؟ ولم تأتِ الحوادث على جمع من هم حولك؟ تنسى ما أتيت من أجله وتتيقّن من عدم صلاحيّة القرار فتعدل عن كلّ ما كان بعد أن فات الأوان؟؟؟

 

هل تكتب لتزيد عددا أم لتخفّف وطأة الحدث؟ أم لتؤرّق شيئا دفعك للكتابة؟

 

كنت في صغري أكره أمسيّات الصّيف ومازلت أكرهها لأنّها طويلة جدّا وتدفعك حتما إلى السؤال عن حقيقة ذاتك وعن الغاية منها فلا تدري أين تأخذك هذه الأمسيّات الحارقة جوّا وفكرا؟ كنت في تلك الأيّام أفكّر أكثر من اليوم. كنت أرى العالم أرحب وأرى أحلاما تتحقّق وتُفتح أبواب السّماء فالاله لا يردّ أحلام الصغار خائبة بل يعطينا من العقل ما يفتح لنا أبواب العالم فنرى الأمل أكثر من اليوم فتكون وطأة الأمسيّات الحارقة أخفّ على صدورنا فتنزل ماء يثلج الصدر في تلك الأيّام، لكنّ ذلك لم يُنسينا ما ترهقنا به تلك الأمسيّات الطّويلة. خاصّة عندما تأتي إحدى الجارات وهم كُثر في تلك الأيّام لتلوك سيرة أو حكاية مبتذلة فلا تجد نفسك إلاّ فارّا منها نحو تفكير ممض….

 

تلك أيّام مضت، زاد بعدها العدد واتّشعت الأحلام ….

 

مضينا في حياة لا نعرفها لكنّنا ننتظر منها جزاء يجعلنا محلّ فخر وإعجاب… كلّ إنسان يرى حتما ذلك في نفسه لكنّ التّحقّق يختلف فهل كنت إنجاز نفسك؟؟؟

 

بقيت سنوات لا أعرف إن كنت أسبح في تيّار جارف أم في نهر هادئ لكنّني كنت أرى في كلّ الأعين اللاشيء والامبالاة وربّما كنت أرى حلما…. ونسيت أن أطلب من الله أن يحفظ الوديعة عنده فهو يحفظها أفضل منّي لكنّني ربّما نسيت توكّلا وظننت أنّي كنت شيئا فأنا لا أحفظ ودائع ولو أنّي بقيت في مكاني من العدم ولم أشرع سيفا للحرب لكان الحفظ أفضل….

 

عندما تظنّ أنّك الشيء ونقيضه فتحاول تداركا….

 

الآن أرى جيّدا النّقيض، فقد تعلّمني الحياة أنّ الرّسم فكرة وليس واقعا فأحاول تداركا. أنهض بملء ضعفي الذي مازال ينخر في عظامي وأرجو أملا في نقطة ضوء من بعيد وأتمنّى أن لا تنطفئ. أسأل نفسي هل أرعاها أم أترك الله يرعها فهو خالقها وأدرى بها لكن نفسي التي تظنّ تفكيرا وترى توكّلا تلقي إليّ بكلّ عزمها وتستنهض همما نائمة. فأحاول لكنّ القدر يلطمني مرّة أخرى ويقول: العدم، العدم،…

التّدارك، مازالتَ تحاول!!!

الخوف، هل نجحت؟؟؟؟ !!!

الملل، تمكّنت من نفسك!!!

عادت الأمسيّات الصيفيّة بنسمات آتية من الغرب ومن الجنوب، وبكلّ رتابتها الجافة عادت أثقل من قبل، تحمل معها حملا ثقيلا: “حمل المحاولة”، لكن سرعان ما ينهك ويتعب ويقف عند أوّل الطريق…

تأتي أمسيات أخرى تحمل علامات الفشل النهائي فتقول: عندما تموت سأشتاق إليك لأنّي لا أرغب في أن أحدّث أحدا عن هول موتك سواك، أنت فقط من يفهم ذلك الحدث الجلل…

 

ماذا سأقول الآن؟ هل سأحدّث العدم عن موتك؟ أم ألتحق بعالم زيوس وأناجيه؟؟ أم أنتظرك فربّما تعود من منفاك الأخير؟ وهل الانتظار سهل؟ ثمّ هل كان الفشل سهلا؟

أحدّث نفسي عن نفسي وأراقب الوقت حتى يفوت شطره وآسف عليه ثمّ أقيم حدّا على نفسي لضياع عمرٍ!!!

هل كان كلّ ذلك مجديًا؟؟

كفاك أسفا واقتنص لحظتك حتى بعد موتك؟

وهل بعد الموت من لحظات تقتنص؟؟؟

بعد الموت ستجد ثمار عقلك فإن كنت ترى بعده حياة ستكون حينها أحوج إلى الاقتناص وإن كنت ترى عدما لن تجد سواه وستأسف لنهايتك!!

 

مازالت تراقب كلّها بكلّ ضمائرها الحاضرة والغائبة تنتظر نهاية أفضل وترجو عدلا مازال في طريق الحياة يسبح….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى