الأدب والشعر

هجرة الأسراب

احمد محمد حنان

احمد محمد حنان

وَتَئِنُّ أَشْجَارُ النَّخِيلِ بِحُزْنِهَا
إِنْ سَاقَطَتْ سَعَفًا عَلَى الأغْبَابِ

وَتحِنُّ أَشْجَارُ النَّخِيلِ كَغَيرِهَا
عِنْدَ الخَرِيفِ لِعَودَةِ الأحْبَابِ

مَنْ قَالَ جَهْلًا لا تَحِنُّ وَلاتَعِي!؟
مَنْ قَالَ أَنِّي لَنْ أَعُوَدَ لِبَابِي!؟

كُفُّوا الدُّمُوعَ فَقَدْ تَنَاءَتْ أَدْمُعِي
وَتَدَافَعَتْ مِنْ مُهْجَتِي وَكِتَابِي

كُفُّوا فَعَينِي لِلْبَيَاضِ اِسْتَسْلَمَتْ
وَتَيَبَّسَتْ مِنْ رَوْعِهَا أَهْدَابِي

كُفُّوا فِإنَّ الشَكَّ يَشْرَبُ مِنْ دَمِي
وَيُطَيِّرُ الأسْرَابَ مِنْ جِلْبَابِي

سَأَعُودُ إِنْ حَلَّ الشِتَاءُ بَأَرْضِنَا
وَحَقِيبَتِي مَمْلُوءَةُ الأجْنَابِ

فَتَنَهَّدَ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ وَقَالَ بَلْ
سَتَعُودُنَا بِحَقِيبَةِ الأغْرَابِ

حَتَّى إِذَا قَرَّتْ بِحُضْنِكَ أَضْلُعِي
آَذَنْتَنِي بِمُفَارَقٍ وَغِيَابِ

فَهَي الحَيَاةُ وَمُرُّهَا يُسْقَى لَنَا
كَالقَهْوَةِ السَّودَاءِ فِي أَكْوَابِ

لا تَعْجَبِ التَبْيَانَ فِي قَولِي أَبِي
وَأَنَا مَرِيضُ تَوَحُّدٍ بِخِطَابِ

فَلَقَدْ عَلِمْتُ بَأَنَّ عُمْرِيَ ضَائِعٌ
بَينَ الطُّفُولَةِ والبَلَا وَشَبَابِي

فَكَسَرْتُ قَانُونَ الأطِبَّةِ والدْنَا
رِفْقًا بِأُمِّي مِنْ بُكًى وَعَذَابِ

فاذْهَبْ أَبِي إِنِّي مُجَاهِدُ عِلَّةٍ
كَاالنَّارِ تَحْتَ رَمَادَةِ الأحْطَابِ

فَغَضَضْتُ سَمْعِي وَاسْتَعَذْتُ بِقُوَّةٍ
كَادَتْ تُسَيَّرُ غَفْلَةً لِيبَابِ

وَترَكْتُهُمْ خَلْفِي وَقَلَّةُ حِيلَتِي
سَجَدَتْ تُودِّعُ غَالَيَ الأعْتَابِ

وَرَكِبْتُهُ أُفَقَ السَّمِاءِ مُسَافِرًا
وَمَخِيلَتِي تَبْتَزُّنِي بِسَرَابِ

إِرْجِعْ فَإنَّ النَّجَمَ مَوقُعُهُ خَفَي
سَتَظَلُّ تَطْرُدُهُ بِدُونِ ثَوَابِ

حَتَّى إِذَا بَلَغَ النِّصَابُ نِهَايَةً
عُدْتَ المُنَى فِي دَمْعَةٍ وَرِهَابِ

فَأَجَبْتُهَا إِنَّ الإلهَ لَرَازِقٌ
فَرْدَ الطُّيورِ وَهِجْرَةَ الأسْرَابِ

وَأَنَا مِنَ الطَّيرِ الذي يَهْوَى العُلَا
وَتُحِيطُهُ الأجْرَامُ بِالإعْجَابِ

وَلَكَمْ غَنِمْتُ مِنَ الليوثِ فَرَائِسًا
قَدْ فَارَقَتْ أَرْوَاحَهَا لِحِسَابِ

إِنَّ الكَوَاسِرَ إِنْ هَوَى مَخْلَابُهَا
خَشِيَتْ مَضَارِبَهُ ضَرَى الأنْيَابِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى