حزن شاعر


أبوطالب محمد دغريري
حزني على الشعر لو لم يَلقَ من يَقرَا
يبكي الحنينَ، ويشكو الصمتَ والذِّكْرَا
يمشي القصيدُ، وفي أضلاعهِ ولهٌ
كأنّهُ الطيفُ لا يُبقي ولا يَذْرَا
يا سائلي عن شقاءِ الحرفِ في زمنٍ
باتت بهِ لغةُ الإحساسِ تُحتَقَرَا
ماذا نقولُ لأشعارٍ مبعثرةٍ؟
ضاعت، ولم نَلتمس منها لنا عذَرَا
والشعرُ يشهدُ أن الصمتَ قاتلهُ
فلا تُقم حفلَ موتِ الحرفِ إن نَفَرَا
الحرفُ طفلٌ، إذا ما خفتَ ضيعتهُ
ضاعَ الرجاءُ، وعادَ العزمُ منكسرا
يمضي غريبًا، وفي عينيهِ أغنيةٌ
تبكي، ولكنْ يفيضُ اللحنَ مُنحدرَا
هل يُرجعُ الشعرَ صوتٌ دون سامعهِ؟
أم يُثمرُ البذْرُ إن لم يجدْ مَن بَذَرَا؟
يا من تُغنّي، ودمعُ العينِ مُنهَمرًُ
امنحْ حروفكَ ما يروي الهوى طُهرا
الشعرُ باقٍ ولن يُفنىٰ إلى عدمٍ
فالشعرَ حُرٌّ، وما سجنوهُ أو أَسْرَا
الشعرُ ما كان لهواً أو حديث لضىٰ
فالشعرُ نورٌ، لمن بالزيفِ قد كَفَرَا
أنّى لهم أن يَطَالُوا سِرَّهُ أبدًا
والشعرُ بحرٌ، وهمْ لا يعرفونَ مِرَا
كلُّ الحكايا التي عانَتْ من السُدفِ
تبقى، إذا سَطَعَ الإحساسُ وانتصرَا
من لم يكنْ حبرهُ مِن دمع مُقلتهِ
ما كان في الشعرِ فَحلُ سيفَهُ وَقَرَا
اكتبْ، ولا تكترثْ للّائمينَ، فكمْ
من شامتٍ هاجمَ الأشعارَ، واندحرا
دعهمْ، فإنّ الذي بالفكرِ مُمتلئٌ
لا يُطفئُ الحرفَ، بلْ بالحرفَ قد ظَهَرا