الإبداع وتكوين الأجيال

لم تعد فكرة الإبداع ظاهرة جديدة تغزو المستوى المعرفي للأنسان وكأنه في العصر الحديث سيد الكون فمنذ بدء الخليقة والمنظمة والمجتمع والتاريخ يزخر بأمثلة لا حصر لها عن دور الإبداع ليس فقط في تمكين الإنسان والجماعة والمنظمة والمجتمع من التكيف مع ظروف البيئة المتغيرة، وإنما أيضا في صنع الظروف الجيدة المرغوب فيها وخاصة مع ظهور الحاجة إلى أشياء جديدة كما يقول المثل الحاجة أم الإختراع
وقد بدأ الإهتمام العلمي المنظم للإبداع على نحو واضح منذ نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من هذا القرن موضوعا رئيسيا في علم النفس، وقد أرتبط بالمنافسة بين الدول الغربية في أثناء الحرب العالمية الثانية ، وكذلك بظروف التسابق التكنولوجي بين الدول المتقدمة ، و يمكن القول أنه الطابع للصراع في العصر الحديث بين الدول المتقدمة، أو بينها وبين الدول الأقل نموا.
و إن التطورات التي يشهدها العالم في الفترات الأخيرة في مجالات التكنولوجيا والمعلومات والفضاء تعتبر دافعا أساسيا للإبداع، ويتضح الإهتمام بالإبداع من ملاحظة هذا العدد الكبير من براءات الإختراع التي تمنح سنويا على المستوى العالمي بل إن الإبتكار والإبداع هو من يضع المؤسسات في التصنيف المتقدم دوليا، ولهذا يقول “ماسارو إيبوكا” مؤسس شركة “سوني”،: “يكمن سر نجاح الشركات اليابانية في عدم تقليدها لأي شركة أخرى، فكل ما تفعله وتنتجه جديد ومبتكر” والأبتكار ليس بالضرورة الإتيان بجديد فقط إنما هو إعادة تقديم القديم بصورة جديدة أو غريبة وهو التعامل مع الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة،
كذلك هو القدرة على تكوين وإنشاء شيء جديد، أو دمج الآراء القديمة أو الجديدة في صورة جديدة أو إستعمال الخيال لتطوير وتكييف الآراء حتى تشبع الحاجيات بطريقة جديدة أو عمل شيء جديد ملموس أو غير ملموس بطريقة أو أخرى وعليه فقد أثبتت كل الدراسات أنه يُمكن تنمية الإبتكار في المؤسسات التعليمية من خلال تدريب المتعلمين على مهارات التفكير المختلفة من خلال المناهج كما أن من أهم الإجراءات والمُمارسات التي يجب على المُعلم اتباعها من أجل تنمية التفكير الأبتكاري لدى الطلاب هو طرح السؤال وفتح الآفاق وكذلك الإهتمام بكافة العناصر المنهاج، البيئة، الوسائل، المدرس، المدرسة، المنهجية، الطريقة، ومهارة التدريس وغيرها، لتتحول إلى عناصر ذات مزايا فعالة في إثارة الدوافع الداخلية عند الطلبة، والتغلب على كافة المعيقات التي تحول دون الحب والأستمتاع بالتعلم، فنمتع أنظارنا بإقبال الطلبة على مدارسهم بسعادة وتشوق، وتهافتهم على التعلم بحب فينهلوا من بحر العلم بالبحث والإطلاع والاستراتيجيات المثيرة للتفكير، فتتفجر الطاقات الكامنة لديهم، لينتجوا أفضل ما لديهم فيحتلوا مكانة مرموقة في معزوفة الإبداع اذ اعتبرنا أن المجتمع هو نتاج للدور الرئيسي الذي تقوم به المدرسة وبالأخص في جانب النشأة الاجتماعية والأخلاقية والفكرية بل ويقوم المجتمع بالتفاعل والتجاوب التام مع قيادة المدرسة في صناعة الأجيال والنشأ.