كاتب في سطور ألفت الإدلبي


ندى فنري
ألفت الإدلبي:
ولدتْ ألفت الإدلبي في مدينة دمشق عام 1912، في حي الصالحية، من أبوين دمشقيين هما «أبو الخير عمر باشا»
و«نجيبة الداغستاني»
وكانت البنت الوحيدة بين خمسة أخوة ذكور.
هي قاصة وروائية سورية ،تغنت بتراث وعادات دمشق لعقود كثيرة ،ونقلت كل تقليد من تقاليدها في أغلب مجموعاتها القصصية.
تعتبر من أكثر الكاتبات السوريات حباً للحياة ونجاحاً.
انطلقت في مسيرتها الأدبية من إيمانها بضرورة أن يكون للمرأة مكانها العام في المجتمع وتبنت في أدبها قضية المرأة وطرح همومها ومشكلاتها؛ وقد كان دافعها للكتابة الصدى الذي لقيه أدبها لدى النقاد، فقد قدم الأديب المصري محمد مندور لمجموعتها القصصية الأولى، بقوله: “هذه القصص طراز خاص وشخصية مستقلة”، وتلك شهادة كانت أديبتنا تعتز بها اعتزازاً كبيراً، إضافة لشهادة أخرى للناقد والأديب مارون عبود: “أنا أؤمن بالذاتية، وقد وجدت ألفة الإدلبي ذاتاً، وعلى هذا الأساس بنيت تقديري لها .
تدور رواياتها بشكل كبير حول مكانة المرأة في المجتمع والتوتر بين النساء في عالمهن الخاص والضغوط المفروضة عليهن.
بعد تعرفها على الأدب العالمي، نضجت تجربتها أكثر، وتتحدث عن ذلك قائلة: “لقد قرأت أعمال أنطون تشيخوف، وأعمال الكاتب الانكليزي سومرست موم، وأيضاً أعمال الكاتب الشهير موباسان، وقد تركوا في نفسي وأسلوبي الكثير من التأثير والإعجاب. إن الكاتب يختزن في عقله الباطن الكثير من الأفكار والمعلومات والآراء، وعملية التمثل واردة لدى الجميع، وأنا لاشك قد استفدت من قراءاتي لأعمال الآخرين، ولابد أن يكون ذلك قد ظهر بشكل أو بآخر في بعض أعمالي”.
شغلت مكانة أدبية مرموقة واهتماماً من قبل النقاد منذ خمسينيات القرن الماضي، لحيويتها، ولغزارة إنتاجها، وتميز مشروعها القصصي برؤية مبدعة وأسلوب بسيط ورشيق ،ولغة سلسة اكتسبتها من المطالعة ومن ممارسة الكتابة.
رصدت في معظم مؤلفاتها الحالة الاجتماعية والسياسية والثقافية الذي شهدتها سورية خلال تلك الفترة، ونقلتها في أعمالها، برؤية المبدعة وبلغة بسيطة وأسلوب رشيق؛ ففي قصصها، المتخيلة بأحداثها، والواقعية في مواضيعها وشخوصها.
عموماً نحن نجد أنفسنا أمام قاصة من نوع خاص، كتبت حكاية عشق مزمن لدمشق التي أصبحت عنواناً لمعظم كتبها، ونقلت في أدبها صوراً عديدة للحياة الدمشقية، بالإضافة إلى حرصها على سلامة اللغة وجمالية المشهد.
تُرجمت أعمالها والعديد من قصصها وكتبها إلى عدد من اللغات الأجنبية، منها:
الإنكليزية، الألمانية، الفرنسية، الروسية، الهنغارية، الصينية، الإيطالية، التركية.. إلخ، كما تمّ اعتماد عدد من قصصها القصيرة لتدرس في جامعات عالمية، كجامعات الصين والولايات المتحدة وإسبانيا وروسيا وأوزبكستان، ووُضعت بعض أعمالها في مكتبة بكين الوطنية ،إحدى أشهر رواياتها “صبرية: دمشق يا بسمة الحزن” عام 1980، والتي تصور معاناة فتاة سورية شابة بين يدي المحتل الفرنسي وضغوط المجتمع المتمثل بعائلتها وبحثها عن هويتها الشخصية والوطنية، وتمتْ كتابتها لتلائم عملاً تلفزيونياً سورياً، وأصبحت واحدة من الآثار الكلاسيكية الهامة في الأدب السوري.
تنتمي إلفة الإدلبي إلى جيل أدب الخمسينيات السوري الذي شهد نهوضاً فكرياً مميزاً في الأدب القصصي والروائي وخاصةً لدى النساء الكاتبات وبطريقة فنية راقية، و قد
سجلت اسمها كواحدة من أهم الأديبات السوريات في مجال القصة والرواية، وقد حصلت على العديد من شهادات التقدير والجوائز السورية والعالمية؛
لها العديد من الروايات ،والمجموعات القصصية، من أهمها: “قصص شامية” ، “وداعاً يا دمشق” ، “ويضحك الشيطان وقصص أخرى”، “عصي الدمع”، “ما وراء الأشياء الجميلة وقصص أخرى”. ولها روايتان: “دمشق يا بسمة الحزن” ، “حكاية جدي”، ومن الكتب والدراسات النقدية: “وداع الأحبة” ، “نظرة في أدبنا الشعبي: ألف ليلة وليلة وسيرة الملك سيف بن ذي يزن” ، “المنوليا في دمشق وأحاديث أخرى”، وهي طائفة من المحاضرات والأحاديث التي ألقتها في كل من دمشق وحلب ، “عادات وتقاليد الحارات الدمشقية القديمة”، محاضرات ومقالات .
أثَرت الأديبة السورية الكبيرة إلفة الإدلبي المكتبة العربية بمحتوى أدبي وثقافي مرموق من خلال الكثير من القصص والروايات والدراسات الأدبية التي تميّزت بالواقعية والتركيز على الحياة الشرقية .
توفيت ألفة الأدلبي عام 2007 عن عمر ناهز 96 عاماً، تاركة وراءها إرثاً ثقافياً كبيراً من القصص والروايات والدراسات الأدبية التي تميزت بالواقعية والتركيز على تصوير تفاصيل الحياة الشرقية،وبرحيلها طوى التاريخ صفحة من صفحات الإبداع السوري.
أشهر أقوال إلفة الإدلبي
دمشق يا بسمة الحزن. يا جمّالة الأسى! … يبدو أن الأنانية صفة ملازمة لبني البشر فلا ينجو منها أحد حتى الأمهات.
أفليست المرأة منبع الإلهام الحقيقي، وسحر الوجد، وغبطة الأزمنة؟!
يتصاعد لحن «ضياء القمر»، وينسرب عبر أعماق الأفئدة، ليكشف سراً عميقاً في داخلنا، إنه «حواء»، أو «الأنثى الخالدة»، أفلعلنا نسمع أو نصغي إليها؟ ماذا تريد أن تقول لنا؟! ماذا اختبرت؟! وإلامَ تتوق؟! وكيف تشعر؟!