قصة الصديقان… الفصل الثاني عشر


الكاتب فايل المطاعنى
ظهر الانسجام واضح بين عمر وسهام ،وقد بدأ أنهما عريسين يقضيان شهر عسلهما. بدأت سهام أكثر جاذبية وجمالا عندما تضع يديها على شفتاها وهي تستمع إلى مغامرات عمر ومواقفه الظريفه، ولم تتمالك نفسها من الضحك عندما انتحل عمر شخصية المحامي، فلقد طلبت منه أن يترافع أمامها ،لكي يثبت لها أنه فعلا محامي شاطر! وقالت له تخيل أنا القاضي وأنت تترافع عن متهم أرني كيف تقنعني ببراءة موكلك؟ عمر واقف يترافع أمامها وهي تبتسم وبعد أن انتهي قالت له : أنت محامي ممتاز ولكن هناك ملاحظة. لماذا لا تنظر الي وأنت تترافع عن موكلك،الست أنا
القاضي ؟ أجاب عمر : عندما أقف أمام القاضي ،فانا لا اخاف أحد ولا اتهيب من أحد اطلاقا، لأنني متاكد أن الحق معي، و متاكد أيضا من براءة موكلي ، ولكن عندما أقف امامك، لا استطيع انظر إلى عيناك، فأن جمال عيناك قد أربكني ، وجعلني أغرق في بحر العيون وأنا لا أجيد السباحة. فما بالك بواحد تطربه الكلمة وتقتله النظرة. خجلت سهام وقالت وقد لاحظ عمر خجلها من احمرار خديها : يا لك من محامي بارع ،هل المحامين كلهم هكذا كلامهم جميل ، أمام القضاة؟عمر يقترب منها قائلا وهو يقطف وردة ويقدمها لها : وهل كل القضاة ، بجمال ورقة سهام عبدالله. خجلت سهام ،وركضت تلتقط شالها الذي طيره الهواء بعيدا ، دون أن تحس به،وقالت بعد أن التقطت شالها: تعال نري أين ذهبت منى استاذها، وكان هروبا جميلا من سهام وهي تهمس لنفسها: ياريت قابلتك في بدايات العمر ،وبدايات النضج وبدايات المشاعر البكر. لقد اعجبت سهام بعمر ولكنها كانت امرأة لا تنساق خلف مشاعرها بسهولة،تعلمت أن تكون امرأة ثقيلة و متزنة،وتركت للقدر أن يأتي بما يحب ويرضي.لقد تعلمت أن تحسب لكل شي حساب ،فالرجل الخليجي لا يتزوج ارملة، فما بالك برجل لم يتزوج . عادتنا تقول إن الرجل ولو كان متقدم في العمر يحق له أن يتزوج فتاة في العشرين من عمرها ، دام يملك المادة ، أما المرأة فليس من حقها حتى طلب الطلاق. لا تعلم لماذا تجسد لها شريط حياتها ، وتذكرت زوجها المرحوم، الذي كان في أواخر عهده بالحياة،وكان يعوض نقص فحولته، بحبة زرقاء مقرفة. نظرت إلى عمر وهو يشاطر الحديث خالتها صفيه وابنة خالتها مها في إحدى زوايا الفيلا ،ولا تعلم لماذا إصابتها الغيرة أو لنقل احساس حرك شي ما في قلبها ،وبدون أن تشعر ذهبت إليهم ،ووجدت نفسها تجلس بين عمر وابنة خالتها مها. وكادت نبضات قلبها تفضحها، وخافت أن يفضحها ذلك الاحساس. كانت السيدة صفيه تتحدث عن العقارات كيف تحمي نفسها من اللصوص وما هي الصيغة القانونية في مثل هذه الحالات، وكانت سهام تلتهم عمر بنظراتها ،ولكنها حاولت أن تكون طبيعية وبين لحظة وآخري تبتسم لكلمة أو موقف مضحك يقوله عمر . أما البطل الآخر محمد صالح لم يستطيع البوح بما يكنه لمنى رغم الفرص التي منحتها إياه ،يظل هاجس كونه موظفا مجرد موظف كيف ستعيش مع موظف،حياته عادية جدا،وهي فتاة غنية بل ولدت وفي فمها ملعقة من الذهب. وهنا زاد توتره وحيرته،حينها تذكر صديقه عمر وقال: ليت عمر هنا لكي يخبرني ماذا افعل وماذا اقول لها ؟ واخذ يبحث عن صديقه فوجده يجلس في الصالة الرئيسية بين سيدات ثلاث فقال ضاحكا : هذا المحامي الحذق ،لا يضيع وقته اطلاقا، أمًا منى عندما رأت محمد متردد وخاف من مصراحتها، ملت من انتظار كلمة تشفع له وتسعدها، قررت الانضمام إلى أمها وابنة خالتها واختها وهي تقول: لن أرضى على نفسي أن أتزوج من هذا المخلوق الضعيف ،ولو كان آخر رجل على وجه الارض. اتجاه الصديقان إلى البيت ،وكل واحد منهم،يحمل شعورا مختلف عن الاخر، نظر عمر إلى صديقه قائلا : ماذا بك أري الحزن يغلف وجهك. لم يكن محمد على مايرام ،كان ينظر إلى الطريق بعيون غائرة لا يتفوه بكلمة واحدة ،فقط ينظر إلى الطريق و بصمت. أوقف عمر السيارة على الرصيف ، و التفت الى صديقه قائلا: محمد محمد ، ماذا بك يا رجل ، هيا تحدث بوح بما في داخلك ؟ محمد حاول أن يتحدث ولكن صوته لم يخرج وبعد جهد قال وهو بصوت متلعثم : لم اصارح منى بحبي لها ، لم أنطق بحرف،لقد خانتني ذاكرتي كنت أريد أن أقوله لها الكثير عن حبي ومشاعري وأحاسيس بداخلي ، رغم أنني جلست اتدرب، واعيد الكلام ليلة البارحة كثيرا ، ولكن عندما رأيت عيناها اختفي الكلام ! والمصيبة أنها مهدت لي الطريق ، بس أنا غبي، كنت خائف ومرتبك، وانهار محمد وانخرط في بكاء شديد ،وكأن الكلام الذي أراد أن يقوله لمنى تحول إلى دموع فسقط زاخات زاخات وكان صعب أن توقف دموع سقطت من رجل عاشق لحد الثمالة،ولم يستطيع أن يبوح لمحبوبته عن حبه لها .استمع عمر إلى صديقه ونظر إليه وهو يبكي، وكان فعلا حائرا حزين ،حضن صديق عمره،ثم قال له بعد أن اعطاه منديله المطرز ليجفف دموعه،بعد فترة من الصمت قال محمد: تعلم يا عمر أن منى تستحق رجل مثلك،يستطيع أن يحافظ عليها،شخصيته قوية،وقاطعه عمر قائلا:محمد لا تلوم نفسك ،كل رجل منا زرع الله فيها قدرات،لكي يؤدي دوره في هذه الحياة ،بالصورة التي تنسجم معه،ومن اساسيات الحب، هو التكافئ ،في كل شي ،بعطيك مثال ،من أجل أن يكون الحب قويا وخالداً يجب أن تشعر بحبيبك وأن تحس به، تعرف ماذا يريد قبل أن يطلبه منك ، ومن اساسيات الحب الإحترام ،اذا ساد الاحترام يساد الحب،ونما واستقر، لان دعامة الحب الاحترام والتكافئ بين الطرفين، مشكلة البنات يعتبرن اغاني كاظم الساهر مقياس الحب والرومانسية،الحياة الزوجية أعمق من أغنية يؤديها فنان مهما كان وزن ذلك الفنان . فلا تحزن ،هذا نصيبك أيها البطل ….يا صديقي الحب أكبر من أغنية ،الحب لهفة مشاعر وأحاسيس دافئة. الحب رقي، ووضع يده على كتف صديقه وقال:هيا بنا نذهب إلى المنزل لقد تأخرنا ،وخديجة لن تنام ما دمت خارج المنزل ،هي أمي التي ربتني ولم تلدنى، هيا بنا،ومع تشغيل محرك السيارة صدحت شيرين عبدالوهاب بأغنيتها الشهيرة مشاعر تشاور ،، تودع مشاعر مشاعر تموت ،، تحيا مشاعر آه من ده المشاعر . تحركت السيارة وفي داخلها مصير رجلين ،واحد علم طريقه،فذهب إليه مهرولا ،والاخر لم يعرف طريقه وظل في دائرة الخوف والكتمان و يقول :أنا خائف وجبان لا استحق الحياة…… يتبع الفصل الاخير ….القصة من ضمن المجموعة القصصية للكاتب القاص فايل المطاعني جريمة على شاطئ العشاق