لكل دمعه أسرارها


شيخة الدريبي
عندما لا نستطيع التعبير عما بداخلنا من كلماتٍ ومشاعر يصعب وصفها تنهمر الدموع لتقول ما يصعب قوله علينا فالدموع نعمة من الله تعالى على الإنسان يجد فيها الراحةوالتقليل من الشعور بالألم ويفرِّغ المشاعر السلبية كما أن الدموع هي مطافئ الحزن كثيراً ما تكون حقائق الحياة مزيجاً من الدموع والابتسامات من الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين إذا كانت لديكم دموع فتهيؤوا لذرفها فالدموع دليل المحبة لكنها ليست العلاج والكثير من الدموع لا تفي القليل من الديون والعين التي لا تبكي لا تُبصر ..
لا تتخذ تمساحاً صديقاً وإن سالت منه الدموع يخرج العارف من الدنيا ولم يقضِ وطره من شيئين بكاؤه على نفسه وثناؤه على ربه إذا قسى القلب قحطت العين والحب الذي تغسله العيون بدموعها يظل طاهراً وجميلاً وخالداً تحفر الابتسامات قنوات دموع المستقبل لا أحد يستحق دموعك وإذا استحقها فلن يدعك تذرفها فالدموع تزداد غزارةً كلما سألت عن سببها فالإنسان يموت ولا ينتهي بنظر الذين يحبونه إلّا إذا غسلوه بالدموع وهي ذرات التراب الأخيرة التي تجلل الميت وتقول إنّه انتهى ..
الدموع لها دور كبير في الذكرى ومعالجة المواقف من قال إنّ العين تفرز الدمع فالدموع الحقيقية هي بخار الروح المتألمة هل الدموع تستدرّ المبكيات أم أنّ المبكيات كائناتٌ حية تطفو سابحة فوق نهر الدموع والدموع ليست هي الحزن فالحزن هو أن تستطيع أن تمنع نفسك من أن تبكي أمام أحد من أجل هذا الأحد أمسى البكاء مبتذَلاً ربما لأنّ الدموع صارت تستحي من نفسها لا محال بكى أحد الحكماء على قبر ولده فقيل له : كيف تبكي وأنت تعرف أنّ الحزن لا يفيد فنظر إلى سائله طويلاً ثم قال متحسراً إنّ هذا هو ما يبكيني وهكذا نحن أيضاً نبكي في أحيان كثيرة ونحن نعرف أنّ الحزن لا يفيد لكننا مع ذلك نجد راحتنا في الدموع ونلتمس فيها السلوى والعزاء ..
الإنسان القادر على البكاء حين تثقل عليه همومه أو حتى أفراحه هو إنسان طبيعيٌّ يخفف ذلك بدموعه تخلص دموع الإنسان من توتره النفسي وتغسل أشجانه وتبرد بها لهيب أحزانه فالناس الذين لا دموع لهم إما جبابرة أو منافقون وفي الحالتين هم لا يستحقون الاحترام دموع المظلومين هي في أعينهم دموع ولكنها في يد الله صواعق يُضرَب بها الظالم ودموع الأنثى هي الشيء الوحيد في العالم الذي تزداد قيمته كلما كثر كماإنّ دموع الطفل لأشد إيلاماً كأنّ تلك الدموع قطر ندى لا تستفزوا الدموع بالتذكر ماجفت الدموع إلّا لقسوة القلوب وما قست القلوب إلّا لكثرة الذنوب وماء الدموع يخمد ناراً فنحن نملك دموعنا لا دموع من أحبوناإنّحن نستطيع أن نوقف الكلام في حلقوقنا أما الدموع فلا نستطيع إنّ الدموع دماء الروح الدموع هي آليةٌ دفاعيةٌ فطريةٌيستثمرها القلب البشري لاستجلاب التعافي حبك يبدأ ببريق في النظرات وينتهي بالدموع فيما مضى أنهيت كمية الدموع المخصصة لحياتي من أين يأتي الدمع إذن ..
نأسف كثيراً ونذرف الدموع كثيراً فالدنيا تتغير ويظل القلب على حاله إن تر الحزن والدموع والنحيب في وجوه من كنت لا تراهم إلّا ضاحكين مبتسمين فهذا بحد ذاته مؤلم ستبكي حتى تحولها الدموع إلى غيمة فدموع الروح أنقى وأخف من دموع النفس لا يوجد أطهر من دموع من تمنى شيئاً بشدة وتركه ابتغاء مرضاة الله من خلال الضحكات والدموع إنّ الألم الجاف أشد قسوة من الألم المبلَّل بالدموع فبللوا آلامكم لتخف قسوتها عليكم فالحقول التي لا تُروَى بالدموع لا تُثمر سنابلها أبداً فلا بدّ من الدموع حتى تغسل أعماق نفوسنا كل دموع الناس لا تبل ظمأ النسيان ولو انحدرت كالسيل يدفع بعضها بعضاً ..