الجرح النفسي لا يقل عن الجرح الجسدي

شيخة الدريبي

على امتداد مسيرة حياتنا تراكمت مجموعة من الصدمات العاطفية والنفسية أثناء النزاعات مع الآخرين وهذه الصدمات العاطفية والنفسية جزء من ماضينا لكن تأثيراتها نتيجه الصدمات العاطفية والنفسية وهي أساس تقلبات مشاعرناومزاجنا السلبي والنوبات الانفعالية التي غالباً ما تكون غير مفهومة ويمكن بسهولة أن تِتحكم بتصرفتنا فنتصرف بطريقة معينة نتأسف عليها فيما بعد ..

ومن الممكن أن نشفى من هذه الصدمات العاطفية والنفسيه فنحن قادرون على الفهم وهذا شيئ أساسي للتغيير غالباً نقول للآخرين أو لأنفسنا (أعرف كيف أتصرف ولكن لا أستطيع التواصل ) بمعنى انك تعرف ما هو جيد ولكننك تفعل دائماً العكس ببساطة انت عاجز عن تغيير الواقع فلا يكفي أن نعرف كيف نتصرف بشكل صحيح بل نبدأ التنفيذ بالمعرفة والفهم الحقيقي فهما شيئان مرتبطان لحل جراحنا النفسية ونقوم بتغيير حقيقي وتأكد أن حزننا وتعاستنا وغيرتنا أو غضبنا وسلوكنا مرتبط بهذه الانفعالات نتيجة جرح داخلي ..

لذا علينا أن نتوقف عن محاولة العثور على تبريرات لتصرفنا طوال الوقت ونتولى أمر غضبنا أو تعاستنا ونتأكد أنهما نتيجة جراحنا النفسية ويجب أن نكون متيقظين ونعرف السلوك المتجذر في الجرح الداخلي وتحمل مسؤولية هذا التصرف وعندما يتكرر في حياتنا الحزن والتعاسة والغيرة أو الغضب يجب أن لا نركز في محيطنا بحثاً عن سبب لتصرفنا الذي تمليه المشاعر السلبية علينا بل نركز على العاطفة الفعلية مثلاً إذا كنا نشعر بالغضب لنترك أنفسنا بالتجربة نعِش هذا الانفعال بكامله..

بعد أن شعرنا بانفعالات الحزن والتعاسة والغيرة أو الغضب فلنحاول العودة إلى الماضي لنجد جذور هذه الانفعالات في الجرح الداخلي الأصلي الذي يغذي هذا الانفعال ونجد أيضا عدداً من الجراح الصغيرة بصحبتها فلننظر كيف وفي أي ظروف ولد هذا الجرح الداخلي لا شيء يمكننا أن نفعله غير أن نكون متيقظين ونراقب بكل انتباهنا ولا نترك الفكر يصدر أحكاماً على الموقف الذي تلقينا فيه الجرح إذا بدأ الفكر يعمل لن تتوقف عملية إلقاء المسؤولية على الآخرين ولن يشفى الجرح النفسي أبداً في داخلنا بل سبصبح أسوأ ..

عندما تمر في لحظات الحزن والتعاسة الغيرة أو الغضب يجب أن تعود إلى ماضيك بهذه الطريقة تستطيع أن نكتشف الجراح النفسية في سياق انفعالاتنا السلبية وكيف خلق هذا الجرح النفسي لكي نقوم بأعادة التأهيل في داخلنا بهذه الطريقة نتعرف على كيف نغلق الماضي وعندها ستفتح الطريق إلى فرص حقيقية في الحياة ..

عندما نعود إلى ماضينا بشكل واعٍ ونراقب جرحاً نفسياً بيقظة متزايدة فإن هذه اليقظة والوعي يتحولان إلى قوة شفاء بعد ان كنا في حالة جهل تجاهه وبقي هناك بسبب غياب يقظتناوعندما يصل الوعي إلى الجرح النفسي فهذا الجرح سيشفى وسيختفي وسينمحك مع اختفاء الجرح قوة في بداية التغييرات الحقيقية في حياتنا ولابد من الانتباه والوعي هذا يمنعنا من المعاناة من جراح نفسية أخرى ولكي نعيش حياة ذات نوعية مختلفة تماماً ..