كتمان الاسرا


شيخة الدريبي
تعد المحافظة على الأسرار خاصية إنسانية في العلاقات الاجتماعية من حيث تعامل الفرد مع الآخرين ومع المجتمع الذي يعيش فيه والأسرار لها أهمية كبيرة في المجتمع فهي من أعظم أسباب النجاح وأدوم لأحوال والصلاح ومن هنا حرص الإسلام على المحافظه على الأسرار بهدف تكوين المجتمع الإسلامي ووضع ضوابط لحماية العلاقات وتنميتها وكذلك ضروري لدوام الحياة الاجتماعية وتقدمها من الناحية المعنوية والاجتماعيه ولو أُهملت المبادئ الأخلاقية والاجتماعية وسُمح للخيانة وفضح الأسرار ونتشارها لتضعضعت المعاني الإنسانية كالأمانة وكتمان الأسرارمن حياة الناس وتحولت الحياةالاجتماعية إلى جحيم لا يطاق..
اغلبنا لا يستغني عن صديق او قريب ليفضي له ويشتكي له حتى يخفف عنه جزء بسبط من معاناته ومن الأسرار ما لا يُستغنى فيه عن مطالعة هذا الصديق كستشارة ناصح مسالم لذا فليختر لسرّه أميناً إن لم يستطع كتمانه ويحرص في اختيار مَن يأمنه عليه ويستودعه إياه فليس كل مَن كان أميناً على الأموال يكون امينا على الأسرار والمأتمن على الأموال أهون ممن يقوم بأذاعة الأسرار لأن الإنسان قد يذيع سر نفسه بمبادرة لسانه حين يسرد في حديثه بعض خصوصياته ..
عند افشاء الاسرار ومايترتب عليه من الضرر على صاحب السر ومن أجل ذلك كان أمناء الأسرار أشد تعذراً وأقل وجوداً من أمناء الأموال وكان حفظ المال أيسر من كتم الأسرار لأن أحراز الأموال منيعة وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق ويشيعها كلام سابق وينبغي التنبيه على المحافظة على الأسرار مشروطة بأن لا تؤثر في حق الله تعالى أو حق من حوله وللمحافظة على الأسرار لابد ان تعرف السِّر وكيفيه المحافظة عليه لان الأسرار أمانة عظيمة لذا يجب ان يتصف حافظ السر بالامانه والتحذيره من إفشاء الأسرار..
يعتبر كتمان السر خُلُق مركب من الوقار والأمانة كذلك من استودع سراً فأخرجه إلى غير صاحبه فقد خان الأمانة وكتمان السر محمود من جميع الناس ويؤدي إلى ضرر عظيم فحفظ الأسـرار وكتمانها أمانة عظيمة يجب الوفاء بها وقد حثَّنا الشرع عليها وحذَّرنـا من فشو الأسـرار والتفريط فيها قال تعالى : (وَأَوفُوا بِالعَهدِ إنَّ العَهدَ كَانَ مَسئُولاً) [الإسراء: 34] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان) وعلى من أُودِعَ سراً أن يحافظَ عليه ولا يفشيه أبداً وإلا أصبح خائناً وهي صفة مشابهة للمنافق الذي إذا ائتمن على شيء خانه ..
فالمحافظة على الأسرارِ والحذرِ من التساهلِ في التفريطِ فيهاأمر عظيم لا يقوم به إلا المخلَّص من الناس ولِيُعلَم أن أمناء الأسرارِ عزيزٌ وجودهم فهم أقل وجوداً من أمناء الأحوال وامانة المال أيسر من كتم الأسرار وقد تدعو الضرورة بعض الناس إلى الإفضاء بأسرارهم إلى بعض أصدقائهم من أجل مشورتهم أو تخفيف بعض همومهم لكن عليه أن يتخير صاحب السِّر من وُصِفَ بالأمانة والدِّينِ والعقلِ ويتحلى بخصال وصفات أمين السر وأن يكون ذا عقل صاد ودين حاجز ونصح مبذول وود موفوروكتوماً بالطبع والتنبيه والتحذير للمحافظه عليه وعدم إيذاعه قال الشاعر: لا تُذِع سراً إلى طالبه منك فطالب للسر مذيع كذلك عدم كثرة المستودَعين للسر فإن كثرتهم سبب الإذاعة إذ القليل منهم الذي يحافظ على السر..