Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

نظرية الإبداع في سطور 

يُعد الإبداع من أبرز المزايا التي يتمتع بها العقل لدى الإنسان وساهمت تلك الميزة في تقديم بعض الحلول المبتكرة لكل المشكلات والسلبيات التي قد تواجه المجتمع ولكن بالتأكيد تنوعت وتعددت الطرق الإبداعية عند الأفراد فهناك الإبداع الفردي والإبداع الجماعي وهناك إبداعات أخرى ترتبط أرتباطًا وثيقًا بحياة الأشخاص.

ولقد تعددت نظريات بعض العلماء والفلاسفة الذين صنفوا الإبداع من وجهة نظرهم العلمية يرى العالم والفيلسوف اليوناني «أفلاطون» أنه لا يوجد شيء أسمه إبداع شخصي على الإطلاق وإنما الإبداع ينتج عن قوة خارجية تُعرف بالإلهام فالأشخاص دائمًا يستمدون أفكارهم الإبداعية والإبتكارية من وحي الإلهام وربما يستمدونها من التوارث فالإبداع يُعتبر هو العملية الكاملة التي يتم من خلالها خلق أفكار جديدة بينما الإلهام يُعد خطوة واحدة تضع الشخص على أول الطريق، ولكنها  في غاية الأهمية ويؤدي الإلهام عملية معالجة تحليلية لما يدور داخل الأذهان ومن هنا تنتج عنه الأفكار الإبداعية في مختلف المجالات فعندما يراود الأشخاص أفكار ريادية وأعمال مبتكرة يأتي دور الإلهام بعمل تحليل للمعلومات التي تدور في أذهان الأشخاص فيساعدهم على الابتكار والإبداع.

ربما يكون هناك تشابه بين نظرية أرسطو وأفلاطون في مجال الإبداع ويقول أرسطو “إن الإبداع يُستمد من قوانين الطبيعةحيث إن الطبيعة تُعد محورًا أساسيًا في إنتاج الأفكار الإبداعية ” تُسهم الطبيعة والمناخ المحيط بالأشخاص في إنتاج أعمال أبتكارية حيث إن رواد الأعمال الذين يعيشون في منطقة ما تحتوي على كثير من السلبيات التي يعانون منها طوال الوقت ربما يفكرون كثيرًا في هذه السلبيات المحيطة بهم ومن هنا يستمدون أفكارهم الإبداعية من الحلول التي تقضي على كل هذه السلبيات لذا فإن الطبيعة عامل مؤثر في إنتاج الأعمال الإبداعية أما “كانط ” يرى “أن الإبداع ينبع من مخيلة الفرد حيث يطور قدرته على استنباط الأفكار الجديدة التي تنتج عن البيئة المحيطة فالإبداع يمنح الأفراد القوة على إنتاج الأفضل ما يضمن لهم وللأشخاص المُحيطين بهم مستقبلاً أفضل وواعدًا”.

ويُعتبر الإبداع صفة أساسية لدى بعض الأشخاص فهو يساعدهم على الوعي وإدراك ما يدور داخل المجتمع ويُمكن استخدام هذه الصفة في إنتاج كل ما هو جديد يلائم البيئة التي يعيشون فيها وهناك فرق بين الإبداع الذي يتعلق بالإنجازات الحقيقية والمستمدة من الواقع و الابداع الذي يعمل على تحقيق الذات فالإبداع لا يولد إلا من رحم الحرية والمبدع لا يمكن أن يبدع إذا كان مقيد الحرية سواء بالحاجة المادية أوالمصالح الشخصية أو السعي للمال والمناصب وفي هذا يقول المخرج العربي العالمي الكبير مصطفى العقاد الحاجة تقتل الحرية، فإذا كنت محتاجا فأنا لست حرا أي أن الابداع يعني في جوهره التغيير و نقض المفاهيم السائدة وهو في أحد جوانبه قد يخلق حالة من التصادم مع المتعارف عليه والمسلم به في المجتمع.

الإبداع لابد له من تضحية فكثير من المبدعين حاربهم المجتمع واتهمهم بالخروج عن المألوف فالأديب والفيلسوف أبو حيان التوحيدي صاحب العديد من الكتب الأدبية التي تعد من أمهات كتب الأدب العربي مثل كتاب ( البصائر والذخائر) وكتاب (الإمتاع والمؤانسة ) الذي أتهمه علماء عصره بالزندقة والإلحاد والخروج عن المتعارف عليه في أفكاره ومسلكه ووصل التضييق عليه حداً إنه في آخر عمره جمع كتبه وأحرقها فلم يسلم منها غير ما نقل قبل الإحراق وكذلك الفقيه الفيلسوف والطبيب والفلكي المسلم إبن رشد مثلاً والذي أثارت أفكاره ومؤلفاته التهم و العداء له فحرقت كتبه في عهد أحد ملوك الطوائف في الأندلس ( أبو يوسف يعقوب المنصور ) ولاقى هو الملاحقة والتنكيل ومن ثم النفي لكن ذلك لم يثنيه عن عزمه في إبداع فكر حر وقد قال عندما حضرته الوفاة ( تموت روحي بموت الفلسفة ) وكتب عنه المستشرق الإسباني البروفيسور ميغيل هرنانديز : إن الفيلسوف الأندلسي إبن رشد سبق عصره بل سبق العصور اللاحقة كافة وقدم للعلم مجموعة من الأفكار التي قامت عليها النهضة الحديثة كما هو الشان للمفكر ” جان جاك روسو “مثلاً صاحب ( العقد الإجتماعي ) الكتاب الذي أحدث تأثيراً هائلاً في أوربا وأستمدت الثورة الفرنسية أفكارها منه بالكثير من الحنق والغضب من الطبقة الحاكمة في فرنسا في القرن الثامن عشر فهذا حال المبدعين ومن حسن حظ البشرية إنهم أوتوا من العناد قدرما أوتوا من الإبداع والعبقرية .

وعلى هذا فإنّ العالم الطبيعي هو عالم متقلب ومتناه مليء بالصّراعات وتشابكات النسبية والضغوطات التي لا يستطيع الفرد التّملص منها وبذلك فالفرد يبقى دوماً في حالة من التفكير فيما يحيط به من الطبيعية و المجتمع إذ إنّه هنا يخضع إلى حدود غير قابلة إلى التّخطي وهي متأتيّة من الشّروط الخارجيّة ولكنها تختلف وفق المصادفات والمظاهر الخارجيّة وهذا بدوره يقضي على الأستقلال الفردي والحرية ومنه يؤثر بشكل مباشر على المنظر الجماليّ وهذا ما يجعله كذلك مبدعا في العطاء وغير عاجز عن البحث في تناهيّ الوجود و في تحديد أستقلاليته وحريته في التفكير و يسعى إلى البحث عن مستوى أعلى من هذا المستوى لتلبية ميوله وهذا المستوى هو الإبداع الفنّي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى