كانوا هنا


ليلي براده
كَانُوا هُنَا وَمَا كَانُوا
جَاءُوا لِيُخَرِّبُوا الدِّيَارْ
وَرَحَلُوا
فَلَا تَسْأَلُونِي مَنْ هُمْ
إِنْسٌ.. جِنٌّ كَانُوا أَمْ شَيَاطِينْ
فَلَسْتُ أَدْرِي لِمَا جَاءُوا
آهٍ لَوْ كُنْتُ أَدْرِي
لَطِرْتُ فِي سَمَاءِ الْغَبْنِ
فَلَا لَامَسَتْنِي الْأَرْضُ
وَلَا كُتِبَتْنِي قَصِيدَةٌ
وَجَعٌ فِي يَوْمِ مِيلَادِي
الْأَوَّلِ
وَلَا تَسَلَّلَ النَّمْلُ الْأَسْوَدُ
شُقُوقَ جِدَارِ قَلْبِي
وَشَرَّدَنِي فِي أَزِقَةِ
الْمَجْهُولِ…
آهٍ لَوْ كُنْتُ أَدْرِي
لَغَسَلْتُ الْمَطَرَ وَنَظَّمْتُ حَبَّاتِ
الثَّلْجِ عِقْدًا فِي عُنُقِ تَارِيخٍ
فَاتٍ وَالَّذِي سَيَأْتِي
آهٍ لَوْ كُنْتُ أَدْرِي
لَأَدْرَكْتُ اللَّيْلَ قَبْلَ مَجِيءِ
الصُّبْحِ…
حَتَّى لَا يَفْتَرِسَهُ نَمْلُ الضِّيَاعِ
الْأَحْمَرِ…
كَانَتْ تَنْبُتُ فِي رَأْسِي
تِلْكَ الرِّيَاحُ الْعَاصِفَةُ وَالَّتِي
أَعَادَتْ لِلْمَاءِ
تَرْنِيمَةَ الْعَطَشِ
فِي حَنْجَرَةِ الشَّوْقِ الصَّاخِبِ
فَتَنَاثَرَتْ عَلَى طُرُقَاتِ الصَّمْتِ
أَوْرَاقِي الْبَاهِتَةُ…
لِأَقْضِيَ أَيَّامِي بَيْنَ غَرَقِ
الْبَرْدِ وَفَوْضَى الذِّكْرَيَاتِ
أَتَحَمَّلُ أَلَمَ كَأْسِ الْخَطَأِ
الْمُحَاصَرِ بَيْنَ آهَاتِ الزَّمَنِ
وَثِقْلِ الْوَجَعِ