مقالات

اصنع فرصتك… قبل أن تأتيك

بقلم : حنان سالم باناصر 

بقلم : حنان سالم باناصر 

في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه الظروف، يصبح التخطيط للحياة الشخصية ضرورة لا رفاهية. فالنجاح لا يولد من الصدفة، بل من معرفة الإنسان لنفسه، وفهم شخصيته، وتشخيص نقاط قوته وضعفه بدقة.

الخطوة الأولى تبدأ بالتعرف على مكامن القوة واستثمارها في صناعة أهداف واضحة ومحددة، تفتح للإنسان آفاقًا جديدة من الإنجاز. وفي المقابل، لا يقلّ أهمية أن يدرك المرء نقاط ضعفه، فيضع لها خطة علاجية ممنهجة، ويعمل على تحويلها بمرور الوقت إلى نقاط قوة تدفعه للأمام.

الفرص في الحياة لا تطرق أبواب الجميع، بل تأتي غالبًا لأولئك الذين استعدوا لها جيدًا. وهذا الاستعداد لا يقتصر على المعرفة أو المهارة، بل يشمل اليقظة المستمرة لقراءة ما حولك واستباق الأحداث، حتى إذا جاءت اللحظة المناسبة، تكون جاهزًا لا لاستقبال الفرصة فحسب، بل لاقتناصها بكل ثقة.

وفي طريق التخطيط، من المهم أيضًا أن يضع الشخص توقعاته في إطار واقعي متزن، فلا يرفع سقف توقعاته لا في الأشخاص ولا في الأحداث، حتى لا يقع في فخ الصدمة وخيبة الأمل. فالاعتدال في العطاء والحياة عمومًا هو مفتاح الاستمرارية وحماية العلاقات، إذ أن الإفراط في العطاء قد يولّد عند البعض رد فعل عكسي، ويترك المعطي في دائرة الإحباط.

ومن المهم أن يدرك كل إنسان أن التخطيط للحياة ليس خطة جامدة تُكتب مرة واحدة ثم تُترك، بل هو عملية مستمرة من المراجعة والتطوير والتعديل. فالحياة مليئة بالمفاجآت، والمرونة الذكية هي ما يجعلنا قادرين على التكيف مع المستجدات دون أن نفقد بوصلتنا. كل تحدٍّ يواجهنا هو فرصة للتعلّم، وكل تعثّر يمكن أن يكون بداية لانطلاقة أقوى، إذا تعاملنا معه بعقلية إيجابية.

وهناك جانب آخر لا يقل أهمية في التخطيط للحياة، وهو بناء شبكة العلاقات الإيجابية. فالأهداف العظيمة نادرًا ما تتحقق في عزلة، بل تحتاج إلى دعم وتعاون ومساندة. اختيار الأشخاص الذين يحيطون بك بعناية، سواء كانوا أصدقاء أو زملاء أو شركاء، يمكن أن يختصر عليك سنوات من الجهد، ويمنحك فرصًا لم تكن لتصل إليها وحدك. العلاقات ليست فقط للدعم النفسي، بل هي أيضًا مصدر للمعلومات، والفرص، وحتى الإلهام الذي يدفعك للاستمرار.

إن التخطيط الشخصي الناجح لا يقتصر على التفكير في “ماذا سأفعل؟” بل يشمل أيضًا “مع من سأمضي طريقي؟” و”كيف سأحافظ على طاقتي وحماسي طوال الرحلة؟”. فالنجاح رحلة متكاملة، تحتاج إلى وضوح الهدف، واستثمار الوقت، والمرونة في التغيير، والقدرة على الاستفادة من الناس والفرص على حد سواء.

التخطيط الشخصي هو فن الموازنة بين الطموح والواقعية، وبين المبادرة والانتظار، وبين العطاء والحفاظ على الذات. ومن يدرك هذه المعادلة، يعيش حياة أعمق أثرًا وأغنى معنى… والأجمل أن يستيقظ كل صباح وهو يعرف وجهته، ويملك خريطته، ويستعد لأن يكون هو صانع فرصته، لا مجرد متلقٍّ لها

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى