كانت مجرد غواية


وجنات صالح ولي
لم تكن امرأة ضعيفة، ولا عاشقة تقف عند أول حرف…
لكنها في تلك الليلة، كانت تشعر بأن العالم ضاق… ضاق حتى صار داخل صدرها، يضغط على أنفاسها دون رحمة.
أمسكت هاتفها كمن يبحث عن شرفة يتنفس منها، لا أحد.
حتى ظهر اسمه فجأة… كأنه كان يعرف تمامًا متى تعود الغواية لتغويها.
– “أفتقدك… كما لو أنكِ كنتِ لي يومًا.”
ابتسمت بسخرية وهي تهمس لنفسها:
“بل كنتُ لنفسي دومًا، لكنني فقط نسيت هذا قليلًا.”
أجابته:
– “تفتقدني أم تفتقد تأثيري؟”
فصمت، كما يصمت من كُشف أمره وهو يتظاهر بالحب.
لكنه لم يستسلم، أعاد صياغة نفسه شاعرًا، حنونًا، نادمًا…
وقال:
– “أنتِ الغواية التي جعلتني أؤمن أن الحب ممكن بعد كل الخيبات.”
كانت كلماته تنساب كالموسيقى… وكم كانت بحاجة لصوت مختلف، ينسل إلى داخلها ويُربّت على وحدتها.
لحظة الضعف تلك، كانت بداية الحكاية… أو نهايتها، إن شئت الدقة.
دخلت معه في دوامة الكلام، اللقاءات السريعة، رسائل الفجر، ضحكات الليل…
شعرت لوهلة أنها بخير، أنها على قيد الحب، على قيد الأمل.
لكنها ذات يوم، حين نظرت في عينيه جيدًا، لم تجد انعكاسها.
وجدته يحدّق فيها كمن يشتاق لشيءٍ ما، وليس لها بالذات… بل لأي امرأة تسد الفراغ.
همست لنفسها:
“كنتُ أبحث عن احتواء… فوجدتُ من يريد أن يُجربني.
كنت أريد أمانًا… فوجدتُ يدًا تتقن اللمس لا الاحتضان.”
فانتهت القصة… كما بدأت.
رسالة واحدة.
“لن أكون غوايتك بعد اليوم، عد لحياتك… أما أنا، فسأعود لنفسي.”
وعليك أن تحترس ولاتكون أنت غواية …
كانت مجرد غواية…
لكنها لقّنتها درسًا لا يُنسى:
أن ليست كل المشاعر الطارئة… تستحق البقاء.
وأن بعض الكلمات الجميلة… لا تنتمي للحب، بل للغواية.
فاحذروا غواية من يتقن الحروف، ولا يتقن القلوب.