حين تموت اللهفة


وجنات صالح ولي
مررنا بها جميعًا…حين تموت اللهفة ولا نخبر بها أحدًا .تلك اللحظة التي نشعر فيها أن شيئًا ما انطفأ بداخلنا،أن اللهفة التي كانت تشعل قلوبنا عند أول اتصال، أو نظرة، أو ذكرى…ماتت.
وليس موتًا يُبكى عليه،بل موتٌ يشبه النوم العميق، الذي يُشبِه السلام…بعد سنوات من الجري وراء وهم.
كانت المشاعر تركض، والأحاسيس تشتعل،ولكننا فجأة نهدأ… لا لأننا تعافينا تمامًا،بل لأننا تعبنا من اللهفة.
كم من المرات أحسست أن حضورهم صار عاديًا؟
أن غيابهم لم يعد يؤلمك كما كان؟
أنك توقفت عن تزيين أفكارك من أجل شخص لم يسأل يومًا عن تلك الزينة؟
هذا هو موت اللهفة…أن تنظر لمن كنت تحب ولا تشعر بنفس التوهج.أن تمرّ الأماكن التي كنت تنتظرهم فيها، فلا يوجعك الانتظار.أن تتذكّر صوتهم ولا تشغل “إعادة التشغيل”.
لكن هذا الموت ليس فاجعة…بل رحمة مؤجلة.
رحمة تسكن القلب بعدما نزف طويلاً،تُعيد ترتيب كرامتك، تُطفئ توهّج الأسئلة،وتُبدّد ظلال الرجاء الذي لا يُثمر.
موت اللهفة لا يُعلن نفسه، لا يقرع الأبواب،بل يتسلل بهدوء… يجلس في الزاوية… ويبدأ بإقناعك أنك لم تعد نفس الشخص.
أنت الآن ترى الأمور بوضوح.لم يعودوا أبطال حكايتك، بل شخصيات ثانوية مرت،وتركت في قلبك درسًا لا يُنسى.
وفي خضمّ ذلك السكون الذي يظنه البعض “برودًا”، كنتَ أنت قد وجدت شيئًا يشبه السلام.
سلامًا ليس لأنك نسيت، بل لأنك عُدت إلى نفسك،إلى قلبك الذي أنهكته اللهفة، وأخيرًا… استراح.
دعم معنوي لقلبك .. “لا بأس إن ماتت اللهفة… ما دامت الحياة مستمرة،وما دمت قد بدأت تحب نفسك كما كنت تحب الآخرين.”