مرآة لم أكسرها… لكن رمّمتني


وجنات صالح ولي
في مساءٍ يشبه حضنًا دافئًا، كانت “مشتهى ” تجلس أمام نافذتها…لا تنتظر أحدًا، ولا تشتهي شيئًا،
فقط تستمع إلى صوت الصمت، كأنّه يحادثها دون أن ينطق.
مرت سنواتٌ كثيرة منذ أن غادرت آخر لحظة كانت تشبه الحياة،
لكن هذه الليلة…كان في الهواء شيءٌ مختلف،
كأن الريح تحمل رسالة، كأن الكون أوقف ضجيجه ليصغي لهمسٍ داخليّ…
همسٍ لم تسمعه منذ زمن: “أنا هنا… معكِ”
بينما ترتّب صندوق الذكريات القديم، وجدت صورة باهتة،
ورقة كُتب عليها: “حين تخذلك الحياة، لا تخذلي نفسك.”
تذكرت حين كتبتها يوم انهارت علاقتها بمن أحبّت.
ذاك الذي وعد، ثم اختفى كأنه لم يكن…
لكن لم تكن القصة عنه، بل عنها…عن كيف استيقظت ذات صباح،
ورأت وجهها في المرآة يشبه أنثى تقف في العاصفة،
لا تبكي، لا تصرخ… لكنها ما زالت واقفة.
في تلك الليلة…
لبست فستانها الأبيض الذي لم ترتده إلا مرة واحدة في عزاء قلبها،
ثم خرجت… تمشي بلا اتجاه.
وفي مقهى صغير، بعيد عن ضوضاء المدينة،
كان هناك رجل يقرأ بصمت…
رفع رأسه، نظر لها، وابتسم.
ابتسامة عادية… لولا أنها اخترقت صمتها.
قال: “أعرف هذا النوع من الحزن… لكن يبدو أنكِ نجوتِ منه.”
أجابت دون تفكير:
ـ “نجوتُ… لكن لم أعد كما كنت.”
ابتسم مرة أخرى، وترك على الطاولة بطاقة صغيرة:
“بعض اللقاءات لا تُكتب لتكتمل… بل لتُحيي ما مات فينا.”
عادت تلك الليلة إلى منزلها،لم تجد نفسها أقوى، بل
أكثر صدقًا.وحين حدّثت نفسها بصوتٍ خافت: “أنا أستحق أن أكون بخير…”
ابتسمت روحها، وأجابتها: “أخيرًا… سمعتكِ.”
رسالة إلى روحي …
في لحظات الهشاشة… يولد أقوى جزء منك، فقط حين تستمع لنداء داخلي يقول: “أنتِ لستِ وحيدة.”