الأدب والشعر

قبلة على جبين الروح

وجنات صالح ولي

وجنات صالح ولي

حين يثقل الحزن كتفيها، وتبدأ نظراتها تذوب في فراغ الغرفة، شعرت بأن العمر ينساب منها قطرةً قطرة، كما ينساب المطر على زجاج نافذة مهجورة.

كانت تظن أن قلبها قد توقّف عن الغناء، وأن نبضها أصبح مجرد صدى بعيد في ممرات الصمت.

مرت الأيام عليها كقطار ليلي لا يتوقف، يترك خلفه أزيز الوجع وضجيج الذكريات.

صارت تخاف المرآة، تخاف صوتها الداخلي، تخاف حتى من نظرة عابرة في المقهى تذكّرها بأنها ما عادت تلك الفتاة التي كانت تضحك بلا سبب.

وفي لحظةٍ عابرة — ربما كانت صدفة، وربما كانت معجزة — التقت نظرة شخص لم يقل الكثير، لكنه وضع يده بهدوء على كتفها، وقال بابتسامة غامضة:

“كل ما فيكِ جميل… حتى حزنك، حتى دموعك، حتى ارتعاشات روحك.”

كانت تلك الجملة قبلة على جبين روحها.

جعلتها تشعر، للمرة الأولى، أنها تستحق أن تُحب، أن يعتني بها أحد، أن تكون مرئية بلا حاجة لتصنع أو تبرير.

حين عادت إلى بيتها في تلك الليلة، غسلت وجهها من غبار الحزن، ووقفت أمام المرآة.

لأول مرة منذ سنوات، رأت امرأة جميلة تبتسم لها… امرأة قوية، تعرف أن الحب لا يأتي ليرمم الشروخ فقط، بل ليزرع حدائق جديدة في قلبٍ ظن أنه صار صحراء.

ومنذ تلك الليلة، بدأت تعيش كما لم تعش من قبل:

تأكل قطعة الحلوى بلا شعور بالذنب، ترقص في المطبخ، وتكتب على زجاج الحمام كلمات حب لنفسها.

وأدركت شيئًا مهمًّا:

أن أجمل القصص تبدأ حين نقبّل جبين أرواحنا، ونهمس لها:

“أنتِ كافية… بل أكثر من كافية.”

في النهاية ….

وربما… نحن جميعًا نحتاج تلك القبلة على جبين أرواحنا، حتى نزهر من جديد.

وبشمس كلماتي هذه… قبلة من وجنات على أرواحكم الجميلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى