صفات الجندي المسلم


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
بسم الله الرحمن الرحيم
كم هي المنزلة العظيمة عند الله للجيش المسلم ؛ الذي به بعد الله تحمى الحدود والديار ؛ وتحفظ الدماء والأموال ؛ وتصان الأعراض والمحارم ؛ فيسود بهم بعد الله الأمن التام ؛ وتستقر الأوضاع والأحوال بوجودهم ؛ ويعيش الناس معهم في أمنٍ وخيرٍ وسلامٍ ؛ وقد أثنى الله عليهم في كتابه ؛ وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال عزَّ من قائلٍ حكيماً : ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) ( الأحزاب : ٢٣ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( عَينانِ لا تمسُّهما النَّارُ : عينٌ بَكَت من خشيةِ اللَّهِ ، وعَينٌ باتت تحرُسُ في سبيلِ اللَّهِ ) رواه الترمذي في سننه ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم ١٦٣٩ وقال صلى الله عليه وسلم : ( طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بعِنَانِ فَرَسِهِ في سَبيلِ اللَّهِ ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ ، إنْ كانَ في الحِرَاسَةِ ، كانَ في الحِرَاسَةِ، وإنْ كانَ في السَّاقَةِ كانَ في السَّاقَةِ ) رواه البخاري في صحيحه ؛ وفي الصحيحين : ( كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ ) أي كلِّ جرحٌ يجرحه ( المُسْلِمُ في سَبيلِ اللَّهِ ، يَكونُ يَومَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا ؛ إذْ طُعِنَتْ ، تَفَجَّرُ دَمًا ، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ ، والعَرْفُ عَرْفُ المِسْكِ ) .
معشر القراء : للمسلم الحصيف المجاهد صفاتٌ حسنة يجب أن يتحلى بها ؛ ومنها ما ذكره شيخنا العلامة / زيد بن محمد هادي المدخلي رحمه الله في كتابه الأفنان الندية شرح منظومة السبل السوية لفقه السنن المروية ( ٤ / ٢٨٨) بتصرف ، وهي على النحو التالي :
١– ” الإخلاص لله في جميع الأعمال ، ومنها فريضة الجهاد ؛ الذي تنفق فيه الأنفس ، وتتلف فيه الأموال ؛ فيجب أن يكون هذا الجهاد لإعلاء كلمة الله وحده لا شريك له ؛ وقد جاء في الحديث : ( جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ : يا رَسولَ اللَّهِ ، ما القِتَالُ في سَبيلِ اللَّهِ ؟ فإنَّ أحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، فَرَفَعَ إلَيْهِ رَأْسَهُ ، قالَ : وما رَفَعَ إلَيْهِ رَأْسَهُ إلَّا أنَّه كانَ قَائِمًا ؛ فَقالَ : مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا ، فَهو في سَبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ) رواه البخاري في صحيحه .
٢– التمسك بالعقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة ، وفهمهما فهماً صحيحاً ؛ منبثقاً من نصوص الكتاب العزيز ، والسنة الكريمة .
٣– صدق المجاهد مع إخوانه المجاهدين ؛ بل ومع الناس أجمعين ، وذلك بحسن التعامل معهم ؛ كما أمر الله في كتابه ، وشرع رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته .
٤– الطاعة لمن له ولايةٌ عليه ، ولو كان عبداً حبشياً ؛ يجاهد معه لإقامة العدل ، وإحباط الظلم .
٥– الحفاظ على الشرائع التعبدية ؛ واجباتٍ ، ومستحبات ؛ والبعد عن جميع المحرمات والمنهيات ؛ رجاء ما عند الله من الأجر والثواب ، وخوفاً مما لديه من سوء العقوبة ، والعذاب .
٦- الثقة في قائده ، وإخوانه المجاهدين ؛ بلا ريبةٍ ، ولا سوءِ ظنٍّ لا يُبْنَى على يقينٍ ؛ فثق بقائدك ؛ وفوِّض أمره كلَّه إلى خالقه وبارئه .
٧- اليقظة والدهاء ؛ كي ينجو من مكر الأعداء وكيدهم ؛ بل يجب أن يحاول أن يمكر بهم ، ويخدعهم في الحرب ، فإن الحرب خدعة .
٨– المداومة على ذكر الله تعالى ، ولو كان عند ملاقاة الأقران ؛ فإن الذِّكر غذاءٌ للأرواح ، وطمأنينةٌ في القلوب ، وثباتٌ فيها ، وسكينةٌ تطرد الخوف ، والرعب من الدخول إليها .
٩- التواضع ، وحسن الخلق ، فإنَّهما من صفات أهل الايمان ، وبهما تحرز المحبة من ساكني الأرض والسماء ، وينال الرضا من الله تفضيلاً ، وتكريماً .
١٠- كثرة التضرع إلى الله ، والدعاء للنفس ، وللإسلام والمسلمين بالنصر ، والأجر ، والرضا ، والغفران من الله ذي المغفرة ، والفضل والإحسان .
١١– الكرم الذي يتجلَّى فيه حبِّ البذل ، والعطاء في دروب الخير والإحسان ، وفي المقدمة بذل النفس ، والمال في ميدان الجهاد في سبيل الله ، والدعوة إلى الله ” نسأل الله أن يحيينا ، ورجال أمننا البواسل حياة السعداء ، وأن يميتنا وإياهم ميتة الشهداء ، وأن يرزقنا جميعا مرافقة الأنبياء في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر . اللهم آمين .