الرحيق المختوم من جمال صفات النبي وأخلاقه الحسنه.


إنچى علام
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز من جمال خَلقه وكمال خُلُقه بما لا يحيط بوصفه البيان ، وكان من أثره أن القلوب فاتت بإجلاله ، والرجال لتفاعل تفانوا في حياطته وإكباره ، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره ، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام ، ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر ، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته من الكمال الذي يحبب عاده لم يرزق بمثلها بشر.
من كمال النفس ومكارم الأخلاق.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بفصاحه اللسان ، وبلاغه القول وكان من ذلك بالمحل الأفضل ، والموضع الذي لا يجهل ، سلامه طبع ، ونصاعة لفظ ، وجزاله قول ، وصحه معانٍ وقله تكلف ، أوتي جوامع الكلم ، وخُصً بدائع الحِكَم ، وعلم ألسنه العرب ، يخاطب كل قبيله بلسانها ، ويحاورها بلغتها ، اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها ، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها ، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي . وكان الحلم والاحتمال ، والعفو عند المقدرة ، والصبر على المكاره ، صفاتُ أدبه الله بها ، وكل حليم قد عرفت منه زله ، وحفظت عنه هَفوه ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يزد مع كثرة الأذى إلا صبراً ، وعلى إسراف الجاهل إلا حِلمًا ، وقالت عائشه ما خُير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فإن كان إثما ً كان أبعد الناس عنه ، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها ، وكان أبعد الناس غضباً ، وأسرعهم مرضا.
هو كان من صفه الجود والكرم على ما لا يقادر قدره ، كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر ، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسله ، وقال جابر ما سئل شيئا قد فقال لا .
وكان من الشجاعه والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل ، كان اشجع الناس حضر المواقف الصعبه ، وهو ثابت لا يبرح مقبل لا يدبر ولا يتزحزح ، وكان اشد الناس حياء وإغضاء ، كان اشد حياء من العذراء في خدرها ، وإذا كره شيئاً عرف في وجهه ، وكان لا يثبت نظره في وجه احد ،خافض الطرف نظره ، الى الارض اطول من نظره الى السماء ، وكان أعدل الناس وأعفهم وأصدقهم لهجه ، واعظمهم امانه ، واصدق الناس وكان أشد الناس تواضعاً ، وابعدهم عن الكبر ، يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك ، وكان يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ، ويجيب دعوه العبد ، ويجلس في اصحابه كأحدهم ، قالت عائشه كان يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل بيده كما يعمل احدكم في بيته ، وكان بشراً من البشريفلى ثوبه ،ويحلب شأنه ، ويخدم نفسه.
كان أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأعظمهم شفقه ورأفة ورحمه بالناس ، أحسن الناس عشره وأدباً ، وابسط الناس خُلُقاً ، أبعد الناس من سوء الأخلاق ، لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ، ولا لعاناً ، ولا صخاباً في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئه السيئة ،ولكن يعفو ويصفح ، وكان لا يدع أحداً يمشي خلفه ، وكان لا يترفع على عبيده واماءه في مأكل ولا ملبس ، ويخدم من خدمه ، ولم يقل لخادمه أف قط ، وكان يحب المساكين ويجالسهم ، ويشهد جنائزهم ، ولا يحقر فقير لفقره.