مقالات

الرقي في التعامل مفتاح الألفة في العلاقات.

صالح سعيد ابومنذر الحمداني

صالح سعيد ابومنذر الحمداني

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين ومن هنا تنبع أهمية حسن التعامل مع الناس، فاللطف والرقي في التعامل ليسا مجرد صفات محمودة، بل هما مفتاح أساسي لنجاح الإنسان في حياته الاجتماعية والمهنية على حد سواء.

أن تكون راقياً في تعاملك مع الجميع يعني أن تظهر الاحترام لكل شخص، بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية، فالرقي لا يُقاس بكيفية تعاملك مع من تحب أو توافقهم بل بمدى لطفك مع من تختلف معهم أو حتى مع من لا تجمعك بهم مصلحة مباشرة الرقي هو اختيار أن تكون إنسانًا نبيلًا في زمن كثر فيه التسرع والفظاظة.

من أهم الصفات التي ينبغي للمرء أن يتحلى بها هي السعي إلى بناء الألفة مع الآخرين فالألفة تفتح القلوب وتبني جسور المحبة والتفاهم بين الناس، حين تسعى للألفة فأنت تبدي اهتمامك بالآخرين تنصت لهم بإخلاص، وتشاركهم أفراحهم وأحزانهم، وهذا السعي لا يعني أن تتنازل عن مبادئك أو أن ترهق نفسك بإرضاء الجميع، بل يعني أن تكون لطيفاً بطبعك إيجابياً في تعاملك محباً للخير لكل من حولك.

وإن الألفة الحقيقية تقوم على الصدق والاحترام المتبادل ولا تزدهر إلا في بيئة يسودها التسامح وحسن الظن ومن سعى للألفة من قلبه رزقه الله قلوباً تحبه وأرواحاً تأنس بقربه.

على الرغم من أهمية بناء علاقات واسعة مع الناس إلا أن الحكمة تقتضي أن تكون حريصاً في اختيار من تقرّبهم إلى قلبك، فليس كل من نلقاه في دروب الحياة يصلح لأن يكون مقرّبًا، المقرّبون هم أولئك الذين يقدرونك، ويحفظون سرك ويقفون إلى جانبك في أوقات الشدة قبل الرخاء.

لذلك اجعل دائرة المقرّبين منك ضيقة تختار أفرادها بعناية ولا تقحم فيها من لا يستحق الثقة فالقليل الصادق خير من الكثير المزيف، ورفيق الطريق المخلص أثمن من كنوز الأرض.

في عالم متغير سريع قد يصعب على المرء أن يجد من يثق به بكل قلبه، ولهذا فإن العثور على صديق واحد حقيقي هو بمثابة نعمة عظيمة، الصديق الصادق هو الذي ينصحك إذا أخطأت ويشدّ من أزرك إذا ضعفت، ويشاركك الفرح والحزن بصدق لا رياء فيه.

ابحث عن هذا الصديق بعيون قلبك لا بمظاهر زائفة وحين تجده تمسك به، وكن أنت له أيضًا كما تحب أن يكون لك، فالصداقة الحقيقية عملة نادرة لكنها إذا وجدت، كانت أغلى من الذهب وأبقى من الزمن.

وأخيرًا وليس بآخر لا تكن خصمًا ولا عدوًا لأحد اجعل شعارك في الحياة السلام الداخلي والخارجي، لا تدخل في خصومات تافهة ولا تحمل الضغائن في قلبك وسامح واغفر وامضِ قدمًا ليس من أجلك فقط بل من أجل راحتك النفسية وسلامك الداخلي.

من اختار أن يعيش دون أعداء عاش عمره خفيف الروح مرتاح البال بعيدًا عن صراعات تستنزف طاقته ووقته، وتذكر أن الحياة قصيرة جدًا على أن تُهدرها في العداء والبغضاء، عشها محبًا ومتسامحًا ومؤمنًا بأن اللطف لا يضيع أبدًا.

إن الحياة قصيرة ولا تستحق أن نهدرها في الخصومات أو العلاقات السطحية كن راقياً في تعاملك مع الجميع، واسعَ إلى الألفة دون أن تفرط في خصوصيتك، اختر أصدقاءك بحكمة وازرع في كل درب تسلكه بذور المحبة والاحترام فستعود إليك أضعافًا مضاعفة، “عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ودع عنك حساب النيات، فالله وحده يتولى ذلك”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى