Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

عبود الكبش

موسى رامس

موسى رامس

يقال ان في لحظات الإنسان الأخيرة يمر شريط حياته امامه بالكامل. بكل تفاصيله وأحداثه، لحظات فقط حتى ينتهي الشريط وتنتهي معه الحياة.

كانت الساعة الواحدة بعد الظهر عندما دخل الى المخزن.

جرت العادة انه في هذا الوقت يساعد امه في أعمال المنزل وتحضير الطعام، تذهب هي للاستحمام ويذهب هو للصلاة ومن بعدها ينتظرون عودة اخوته الصغار من المدرسة لكي يتناولوا طعام الغداء.

كان المكان مظلم، رطب، ورائحة العفن تعم الأرجاء.

الفئران كانت تراقب بصمت، لقد تعودت على الهرب عند رؤية عبد الله داخلاً المخزن، ولكن هذه المرة كانت مختلفه، لم يحرك ساكناً عند رويتهم.

اخذ حبل نايلون كان قد وضع هناك، ثم ربطه حول عمود من اعمده السقف.

تسلق دلو ثم وضع العقدة حول رقبته، كان ملمس الحبل الخشن قد ذبحه ألف، مرت ذكريات سيئة امام عينه وكان الدمع ينهمر من عينيه مثل نهر جاري.

تذكر مرة في زواج أحد أبناء عمومته والذي يقاربه في السن، عندما أرادوا ان يتلقطوا صورة تذكارية، الكل اقترب من العريس وتحولقوا حوله، حتى اخوته، قام هو بدوره بالوقوف في إطار الصوره، قال أحدهم:

– ابعدوا عبود من الصورة سوف يشوهها.

قال الاخر …

– عبود اذهب الى اخر الصف.

ثم رد أحد اخوته موجهها كلامه للمصور.

– حاول ان لا تظهره في إطار الصورة.

كان يفهم كل كلامهم، وكان يستوعب جيداً، صحيح انه كان لايستطيع ان يعبر او يرد عليهم، ولكن كان يعرف ماذا يقصدون.

” ماذنبي إذا كان شكلي هكذا، انني لا اعرف كيف أرتب لحيتي وشعري، ولا اعمل لكي اشتري ملابس جديدة، ماذنبي إذا لم أكن ذكيا مثل اخوتي ”

او عند خطبته اخته عندما أراد استقبال الناس بصفته كبير المنزل بعد موت أبيه، صاح عمه لاخوته ونهاهم ان يدعوه يخرج للرجال.

توجهه لامه لكي يسألها

– امي، هل بي عيب ما؟ لماذا عمي لا يريدني ان أكون معهم، انني الكبير.

– حبيبي، انني اريدك معي هنا لكي تساعدني في أعمال المطبخ، فلدينا ضيوف كثر والعمل كثير.

– ولكن اخواتي موجودات للمساعده.

– اعلم ذلك، ولكن ان تعلم ايضاً انني لا أعتمد عليهن، من يساعدني في أعمال المنزل عندما يذهبون لمدارسهم غيرك.

ثم مسحت على خده بطرف غطاء رآسها ثم قبلته.

صمت بعدها هم في مساعدتها في تحضير الطعام.

توالت الأحداث، والذكريات السيئة عليه مثل سيل من المعلومات، وكان هذا يزيد من حنقه وغضبه.

كانوا يلقبونه ب ” عبود الكبش ”

لبطئ استيعابه وفهمه على الرغم من كبر سنه. وكان لا يهتم بشكله لانه لم يكن يعلم لماذا يهتم، او كيف يهتم، ملابسه دائماً رثه ورائحته دائماً منفرة.

في مثل حالته كان الإرشاد والاهتمام المتواصل هو السبيل الوحيد لكي ينجوا من تنمر الناس من حوله.

ولكن من سوف يخبره بان يهتم بنظافته الشخصية، فوالده متوفي، وأخوته الصغار كانوا يكتفون بالضحك والتنمر عليه، اما والدته فكانت إمراة رغم كل هذا عندما كان صغيرا فقد اهتمت به جيداً، ولكن الان صار رجلاً تخجل ان تخبرهم او توجه مثل ما كان صغيراً.

هناك العديد من أمثال عبد الله، الذين يواجهون التنمر بشكل مستمر، البعض يستطيع مواجهته والدفاع عن نفسه، ولكن البعض الاخر يقع ضحية لذلك الشبح القاتل.

تجمعت الفئران تحاول ان تفهم ماذا يفعل، فلقد كان ثابتاً لوقت طويل لا يحرك ساكناً.

عندما شعرت بالممل، لمحة بصيص أمل من عبد الله عندما احكم الربطة جيداً، ثم قفز من فوق الدلو، كلها كانت ثواني معدودة ثم اخرج الزبد من على جانب فمه وأكمل الصورة القبيحه التي كان الناس يظرون اليه بها.

نهاية الثلاثية

الروايات من محض خيال الكاتب وان تشابهت أحداثها بارض الواقع فهية من باب المصادفة لا اكثر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى