مقالات

العمل التطوعي 

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

ما أحسن فعل الخير للناس ؛ وما أقبح إيذاءهم ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( المائدة : ٢ ) وفي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : ( سَأَلْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ : إيمَانٌ باللَّهِ ، وجِهَادٌ في سَبيلِهِ ، قُلتُ : فأيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ ؟ قالَ : أعْلَاهَا ثَمَنًا ، وأَنْفَسُهَا عِنْدَ أهْلِهَا ، قُلتُ : فإنْ لَمْ أفْعَلْ ؟ قالَ : تُعِينُ ضَايِعًا ) أي تُساعِدُ الفقيرَ لأنَّه ذُو ضَياعٍ مِن فَقرِ وعِيالٍ ، وفي لفظٍ : ( تُعِينُ صانِعًا أوْ تَصْنَعُ لأخْرَقَ ) والأخرَقُ هو مُسيءُ التَّدبيرِ الَّذي لا يُتقِنُ ما يُحاولُ فِعْلُ ( قالَ : فإنْ لَمْ أفْعَلْ ؟ قالَ : تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بهَا علَى نَفْسِكَ ) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ سُلامَى – مفصل – مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها ، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌٍ ) رواه البخاري ومسلم .

وإذا نظرنا إلى مجتمعاتنا الإسلامية خاصة ؛ نجد فيها وفي أهلها الخير الكثير ؛ لأنَّ نفوسهم تأصلت على الخير ؛ وقد جاء ديننا الاسلامي بالحث عليها ؛ ولله الحمد والمنة ؛ ولذا قلَّ أن تجد مريضاً لا يزار ؛ أو ميتاً لا تتبع جنازته ؛ أو فقيراً لا يتصدق عليه ؛ أو محتاجاً إلى مساعدة فلا يعان بأي نوعٍ من أنواع المساعدة ؛ مع القدرة على ذلك ؛ لأنهم يؤمنون بقول الله تبارك وتعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ) ( الزلزلة : ٧ – ٨ ) .

فكيف إذا كان العمل التطوعي جاء بشكلٍ جماعي ، ومنظم ؛ وبإذن من الدولة كما عليه الفرق التطوعية في بلادنا السعودية ؛ وفي سائر البلدان ؛ فما أحسن فعلهم هذا ؛ وما أعظم أجرهم ؛ لإنقاذالغرقى ؛ ونجدة الحرقى ؛ ومساعدة المتضررين والهدمى ؛ والمساهمة في حفر المقابر وتنظيفها ؛ وإرشاد التائهين ، وإعانة الضعفاء من الحجاج والمعتمرين ؛ وتفطير الصائمين ؛ وتنظيف صفوف المصلين ؛ وغيرها من الصور المشرقة ؛ لإخواننا المتطوعين والمتطوعات ؛ كلٌّ في جهته ، وما يخصُّه ؛ والله لايضيع أجر من أحسن عملا ؛ فبهم يفرح الوطن ويفخر ؛ وبهم يسعد المجتمع ويسر ؛ مستصحبين في ذلك طلب الأجر من الله ؛ وتنفيذا لأمره الداعي إلى عمل الخير للناس أو كفِّ الشر عنهم ؛ نسأل أن يصلح أبناءنا وبناتنا لما يحبه الله ويرضاه ؛ وأن يجعلهم أنصاراً لدينه ؛ وعوناً لعباده المحتاجين والمتضررين ؛ وأن يكتب لهم الأجر والثواب ؛ إنَّه ولي ذلك والقادر عليه . اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى