من آداب السفر 

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

السفر من بلد إلى بلد له فوائد جمة ، ومصالح عدة كالترويح عن النفس من ضغوط الحياة ومعاناتها ، والتعرف على البلدان ، وساكنيها ، ومناخها ، وتضاريسها ، وغيرها من الفوائد الجمة التي لا يمكن ذكرها واستقصاؤها .

وللسفر آدابٌ عظيمةٌ في شريعة الإسلام منها :

١– ألا يسافر المسلم إلاَّ وقد أدَّى الحقوق لأهله وأولاده ؛ من نفقةٍ ، وغيرها ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كَفَى بالمَرْءِ إثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ) رواه مسلم في صحيحه .

٢– أن يقضي المسلم ما عليه من ديونٍ حالة يجب أداءها لأهلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلى أهْلِها يَومَ القِيامَةِ ؛ حتَّى يُقادَ لِلشّاةِ الجَلْحاءِ، مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ ) رواه مسلمٌ في صحيحه .

٣- من آداب السفر أن يختار المسلم في سفره رفقةً صالحةً يذكرونه بالله إذا نسي ؛ وينهونه عن المعصية إذا هم بها أو وقع فيها ؛ وإذا احتاج إليهم في أمرٍ ما وجدهم حوله بالعون والمساعدة ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنِّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ ، وجَلِيسِ السُّوءِ ، كَحامِلِ المِسْكِ ، ونافِخِ الكِيرِ ، فَحامِلُ المِسْكِ ، إِمَّا أنْ يَحْذِيَكَ ، وإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً . ونافِخُ الكِيرِ ، إِمَّا أنْ يَحْرِقَ ثَيابَكَ ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبيثَةً ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

٤- ومن آداب السفر أن يكون سفرا مباحا ؛ لنزهةٍ أو تجارةٍ أو طلب علاجٍ أو نحو ذلك من الأمور المباحة ؛ وقد قال النبي صلى عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا ؛ أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) رواه البخاري ومسلم .

٥- من آداب السفر التزود بالعلوم الشرعية ؛ ولا سيما مسائل التوحيد والعقيدة ؛ وما عليه المخالفون في البلد الذي يسافر إليه ؛ حتى لايقع في شبهاتهم وبدعهم ؛ المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة ؛ وأن يكون المسافر ذا دينٍ وتقوى يمنعانه من الوقوع في فتنة الشهوات المحرمة ؛ وقد قال الله تعالى : وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ  ( البقرة : ٢٦٩ ) .

٦- ومن آداب السفر الترخص برخص السفر من قصر الرباعية ركعتين؛ والفطر بدلا عن الصيام ؛ والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن بعد لبسهما على طهارة ؛ وغيرها من رخص السفر ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تؤتى رُخصُه كما يُحِبُّ أنْ تؤتى عزائمُه ) رواه ابن حبان في صحيحه ؛ وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم ١٠٦٠ .

٧- ومن آداب السفر إذا كان المسافرون جماعة أن يكون لهم قائدٌ يقودهم حال سفرهم ؛ كالرجل العاقل الحكيم الخبير ذا الخلق والدين ؛ حتى لا تختلف كلمتهم ؛ وتتشتت أفكارهم وتصرفاتهم ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليؤمِّروا أحدَهُم ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ٢٦٠٨ .

هذه بعض الآداب المهمة لمريد السفر أوردت بعضها دلالة على غيرها .

وأخيراً ما أحسن السياحة في بلادنا السعودية ؛ والتي فيها الأمن والأمان ؛ والحرمان الشريفان ؛ والعناية بالدين والإسلام ؛ المساجد فيها كثيرة ؛ والمصلون وطلاب العلم بهم عامرة ؛ في بلادنا أماكن جميلة ؛ وأجواء معتدلة وباردة ؛ المطاعم والفنادق فيها متوافرة ؛ والمراكز الصحية والمستشفيات متعددة ؛ والخيرات والنعم في بلادنا متكاثرة ؛ والله نسأل صلاح حالنا ومآلنا ؛ في حال سفرنا وإقامتنا ؛ وأن يديم على بلادنا السعودية الخيرات والنعم ؛ ولجميع بلدان المسلمين ؛ وأن يعيننا على ذكره ، وشكره ، وحسن عبادته ؛ وأن يجعل لنا من كل همٍّ فرجاً ، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً ، ومن كل بلاء عافية . اللهم آمين .