مسؤولية إمام المسجد


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
إمام المسجد مهمته عظيمة ؛ لأنه قائم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المهنة الجليلة ؛ فليس مهمة الإمامة مقتصرةٌ فقط على الصلاة بجماعة المسلمين ؛ وإن كانت هي أهم واجبات الإمام في المسجد ؛ وكم للإمام من أجرٍ عظيمٍ إذا قام بها أتم قيام ؛ ولم يتخلف عن الإمامة بالمصلين في المسجد إلا لعذرٍ شرعي يعذره عنها ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أمَّ الناسَ فأصابَ الوقْتَ ، وَأتمَّ الصلاةَ ، فلَهُ ولهم ، ومَنِ انتقَصَ مِنْ ذلِكَ شيئًا فعليْهِ ولا عَلَيْهِمْ ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الالباني في صحيح الجامع برقم ٦١٠١ .
ومن مهام الإمام أن يكون مستقيماً في نفسه عقيدةً ، وعبادةً ، ومعاملةً ، وأخلاقاً ، وسلوكاً ؛ لأنَّ الإمام قدوة للناس وللمأمومين من خلفه ، وقد قال الله تعالى : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) ( الأحزاب : ٢١ ) .
ومن مهام الإمام تعليم الناس دينهم الإسلامي على مقتضى كتاب الله ، وسنة نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح ؛ وقراءة الكتب الشرعية على المصلين والمعتمدة عند علماء السلف من كتب التوحيد ، والفقه ، والتفسير ، والحديث ، وغيرها مما يفيد المأمومين وينفعهم من العلوم الشرعية ؛ وقد قال الله تعالى : ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ( يوسف : ١٠٨ ) .
ومن مهام الإمام أن يتفقد أحوال المأمومين بزيارة مريضهم ، وتشييع ميتهم ، وإعانة محتاجهم ، وإصلاح ذات بينهم ، وغير ذلك ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ ) رواه مسلمٌ في صحيحه ؛ هذا غيضٌ من فيضٍ من مهام الإمام في مسجده وخارجه ؛ أوردت بعضها دلالةً على غيرها .
وأخيراً لنعظم حقَّ إمام المسجد كما عظَّمه الشرع ؛ فلا نتقدم عليه في الإقامة ؛ ولا في الصلاة ؛ ولا في غير ذلك مما يخصه ؛ لمكانته العظمى في الإسلام ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به ) رواه البخاري ومسلم ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( أيُّها النَّاسُ إنِّي إمَامُكُمْ ، فلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ ، ولَا بالسُّجُودِ ، ولَا بالقِيَامِ ، ولَا بالانْصِرَافِ ) رواه مسلم في صحيحه ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ ، وَلَا يَقْعُدْ في بَيْتِهِ علَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بإذْنِهِ ) رواه مسلمٌ في صحيحه ؛ والله نسأل أن يصلحنا ، ويصلح أئمتنا ؛ وولاة أمورنا ؛ وأن يعف عن تقصيرنا ، وزلاتنا ؛ وما اقترفته أيدينا من الذنوب ، والآثام ؛ إنَّ ربنا أرحم الراحمين . اللهم آمين .