Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

ذكريات الولد الشقي..أسرار في جيب القميص

فايل المطاعني

فايل المطاعني

ليست كل المغامرات تبدأ من الخارج… بعضها يبدأ من الداخل، حين يكبر الجسد فجأة، ويتغير الصوت، وتضطرب المشاعر، وتصبح الحياة كأنها حلبة مصارعة بين البراءة التي ما زالت تسكنك، والرغبة في أن تصبح “رجلاً” قبل أوانك.

في مرحلة المراهقة، لم أعد أركض خلف الطائرات الورقية فقط، بل بدأت أركض خلف الأسئلة.

كنت أكتشف أن العالم أكبر من ألعاب الطفولة، وأعقد من أحلامي التي كنت أعلّقها على السحاب.

هناك شيء جديد في داخلي… شيء لا أعرف اسمه بعد، لكنه يجعلني أراقب الأشياء بطريقة مختلفة، وأكتب أفكاري على أوراق صغيرة أُخفيها في جيب قميصي.

المراهقة ليست فقط حبوبًا تظهر على الوجه، بل أيضًا أسئلة تظهر في القلب…

لماذا يتغير كل شيء فجأة؟ لماذا أشعر أحيانًا بأنني غريب في جسدي، في غرفتي، حتى في الحارة التي أعرفها شبراً شبراً؟

كنتُ أجلس عند سور المدرسة المهجورة، المكان الذي صرنا نتخذه أنا وأصدقائي كمخبأ سري…

لكن ذلك اليوم، ذهبت وحدي.

في جيب قميصي ورقة مطوية، كتبتُ عليها قبل أيام جملة لا زلت أرددها همسًا:

“أنا لست كما كنت… ولا أعلم من سأكون.”

في الجهة الأخرى من الشارع، كانت “حصة” تمشي مع صديقتها.

لم تكن تعرف أنني أنظر إليها… أو ربما كانت تعرف، لكنها تتظاهر بالتجاهل.

تلك النظرة السريعة منها، كأنها صافرة البداية لحالة قلبية غريبة…

شيء ما يجعلني أعدل جلستي، وأتصنّع التفكير العميق، كأنني فيلسوف الحارة.

اقتربت، وقالت بابتسامة مشاكسة:

“سمعنا إنك اشتريت كتاب عن الشجاعة… ناوي تكون بطل الحارة؟”

ضحكتُ، رغم أنني كنت أتمنى أن الأرض تنشق من الحرج.

لكنني تمالكت نفسي، وقلت بنبرة واثقة – أقل من شعوري الحقيقي بدرجات:

أنا أحاول أفهم نفسي أول… بعدها أفكر أكون بطل.”

تركتني وذهبت، لكن ابتسامتها ظلت معلّقة في الذاكرة كعطر لا يُغادر.

عدتُ للبيت في ذلك المساء، وأنا أفكر:

هل الشجاعة أن تواجه العالم؟

أم أن تبدأ أولًا بمواجهة قلبك؟

فتحت الكتاب مجددًا، وكتبت في الصفحة الثانية:

“كلما فهمت قلبي أكثر، كلما صرت أقرب من أن أطير… حتى لو لم تكن هناك أجنحة.”

منذ تلك اللحظة، بدأت أُدرك أن الطيران ليس بالضرورة أن يكون في السماء…

أحيانًا نطير حين نفهم أنفسنا، أو نواجه خجلنا، أو نبتسم رغم ارتباكنا.

كبرت بعدها، لكن ظلّ في داخلي ذلك الفتى، بقميصه البني، وجيبه الذي يخفي أوراقًا صغيرة…

أسرارًا… وأحلامًا… وأول نبض خجول للحب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى