Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأدب والشعر

ذكريات الولد الشقي..يوم التروية

فايل المطاعني _عمان

فايل المطاعني _عمان

في بيتنا القديم، كنّا نعدّ للعيد كأننا نُعدّ لمعركة شرسة ضد الحزن والملل!

كنا نسمّيها “حرب البخور والعطور” تبدأ من يوم التروية، ولا تنتهي إلا بعد ما نلبس الثوب الجديد ونحسّ إن الدنيا كلها صارت كنافة.

بس طبعًا، أنا – الولد الشقي – كنت دايمًا ألعب دور الجنرال المشاغب، والمهمات كانت تنقلب مغامرات، خاصة يوم نشتري الأضحية… وخصوصًا لما يدخل الوالد في مزاج “أنا ما أشتري إلا يوم ثامن!

اليوم هو الثامن من ذي الحجة، ويعني هذا أن الاستعدادات للعيد في ذروتها، خصوصًا وأن الوالد الله يرحمه من طبعِه يرفض رفضًا قاطعًا يشتري الأضحية بدري.

السبب؟

قال : “مرة شريتها من أول الشهر… قوم من الجماعة سرقوها من الحظيرة، وطبعًا ما خليت أحد إلا وشكيت فيه، حتى الديك!”.

أنا ورثت هذا الطبع العجيب، وقررت لما كبرت وصرت أب، أني أشتري الأضحية في آخر لحظة… كأنها بيتزا مو خروف!

وطبعًا، يوم الشراء يبدأ بحوار ملحمي:

أنا: ابوي نشتري من وقت، الخرفان بتنتهي!

الوالد: لا تتفلسف… “الخروف اللي ما يُسرق، هو اللي يُشرى في التروية”.

وصدق أو لا تصدق، مره رحت مع الوالد للسوق، ولفينا أكثر من خمس حظائر، كل خروف يعجبه

يجي يقول:

– “عيونه فيها حول”.

– “نفسه قصيرة… هذا ما ينطح!”

– “شكله سرحان… ذا خروف ناقص إحساس”.

وأنا واقف جنب واحد من البياعة، قلت له:

– “عمّي، تبيع خروف بدون شخصية بس رخيص؟ الوالد تعبان نفسيًا من الحوادث الماضية”.

فجأة انفجر الولد اللي يبيع ضحكًا وقال:

– “تفضل ذا، هذا الخروف مولود في رمضان… صبور!”.

أما الوالدة، فكانت بطلة من نوع آخر.

قبل العيد، تبدأ بتبخير وتعطير الملابس،

وتقول: “العيد فرحة… وريحة العود أهم من ريحة العيدية!”

وتحط ملابسنا جنب راسنا قبل النوم، وتوصينا:

– “لا حد يقوم ويشمهم، بتضيع ريحة البخور”.

بس أنا – كالعادة – صحيت بالليل وشمّيتهم،

قلت: “بس أتأكد إن ريحتهم ما طارت!”

تخيل يوم العيد، لبست ثوبي الجديد، وسرت في الحارة أتباهى، وفجأة يجي ولد الجيران

يقول:”ما شاء الله، وين شريت ثوبك؟”

قلت له بفخر: “من عند الخياط أبو نزيه!”

قال لي: “بس اسمه مطبوع على ظهرك!”

رجعت البيت، ألا وأختي معلقة بطاقة الخياط بخيط طويل عشان ما تضيع… وناسي أشيلها!

كنت أمشي والحارة تقرأ العنوان، وناس يصورون

أعياد زمان كانت نكهة مختلفة، ما كنا نملك الكثير، لكن كنا نمتلك ضحكة صافية، وقلوب خفيفة.

الملابس ما كانت ماركات، بس كانت مفروشة بحب أمنا.

والعيدية كانت بسيطة، لكن تكفي نشتري “علكة مصاصة وكرت حديقة الالعاب “!

وفي كل عام، أعود أحنّ لذاك الزمن…

زمن الولد الشقي، اللي كانت مغامراته تبدأ بخروف وتنتهي ببطاقة خياط معلّقة ع الظهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى