مقالات

ثمن التسامح المتكرر: بين العطاء والمهانة

وجنات صالح ولي

وجنات صالح ولي

في عالم تتشابك فيه العلاقات وتتصاعد فيه المشاعر، يصبح التسامح والغفران من أجمل الصفات الإنسانية التي نتحلى بها. لكن ماذا لو تحول هذا التسامح إلى عادة متكررة بلا حدود؟ هل يظل دائمًا دليلًا على النبل والقوة، أم أنه قد يصبح سيفًا مسمومًا يجرح كرامتنا ويقلل من مكانتنا؟

هذا المقال يستكشف ثمن التسامح المتكرر، وكيف يمكن أن يتحول العطاء إلى مهانة إذا فقدنا القدرة على وضع حدود واضحة لأنفسنا.

لا تعتقد أن كثرة الغفران المتكرر والتسامح لفترة طويلة يزيد من مكانتك، بل على العكس تمامًا، قد يكون هو ما يجعلك مهانًا أكثر، بلا قيمة تُذكر لمشاعرك أو تضحياتك.

فحين تعتاد أن تكون المتسامح دائمًا، تبدأ نظرة الآخرين إليك بالتبدّل، ويُختزل كرمك في ضعف، وطيبتك في استسلام.

لن تُحسب تلك المشاعر التي منحتها أو التنازلات التي قدمتها ضمن رصيد حياتك النفسية والعاطفية، بل تُسجل كأوجاع متراكمة، نشأت من قيود الوهم وخضوعٍ غير مجدٍ مع من لم يقدّر.

حينها، لا خيار سوى أن تواجه خوفك ومصيرك بقلب لا يهاب غير الله، قلبٍ يعرف متى يعفو ومتى يضع حدًا، ويفوز في النهاية على من تسلّط عليه واستغل ضعفه الإنساني.

في النهاية، التسامح ليس ضعفًا، لكنه لا ينبغي أن يكون على حساب كرامتنا أو صحتنا النفسية.

وضع الحدود والاعتراف بقيمتنا الحقيقية هو أول خطوات استعادة قوتنا الفعلية.

لا تخف من المواجهة، فالقلب الذي لا يهاب هو الذي ينتصر، ويحفظ لنفسه كرامتها، وإنسانيّتها، وحقها في أن تُقدّر كما ينبغي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى