مرشدة يوسف فلمبان
قلوب تموج من خوف البعاد المتكررالذي يهدد سعادتهم واستقرارهم..
جلس وحده متجمدَا في لحظات صراع يمسك بجواز سفره محدقََا فيه وكأنه يحتوي رسالة وداع.. كل شيء يصرخ في خافقه بأن يمضي إلا قلبه ومازال متعلقََا بوجه رفيقة دربه وصباه.. يركض كمن يتسابق مع أحداث الحياة.. أبتعد وكأنه أخذ آخر نفس شق صدرها.
وبصوتهاالمحموم جثت على ركبتيهاتهمس التياعََا ماكنت أحبك لأكون سعيدةبك لأنك وحدك تبرر للعالم بصدق حبك.. وكأنك أخذت المعنى وقررت الرحيل.. وأنك عفت رفقتي.. تاهت الطرق وتبعثرت فما عدت أعرف أين أقف ولماذا أواصل السير؟
عادت إلى الدار الخالية إلا من خياله. كانت تظن أن الصمت سيكون رفيقها.. تخيلته معها داخل الغرفة وكأن الزمن توقف.. وجفت الدموع فجأة غير مصدقة وهو يهمس بأسمها..
هذا أنت؟!
هل أنا واهمة من فرط الحنين؟
تفاجأت متخوفة ويدب وقع الصدمة في كيانها.. ولكنه محا الشك باليقين قائلََا : كنت على وشك الرحيل ولكني لم أستطع أن أكمل خطواتي الأخيرة.. لم أعرف كيف أغادرك وخيالك عالق ببيداء أفكاري..
حينذاك زلت الأرض تحت قدميها. وأهتز كيانها من هول المفاجأة.. خلتك ترحل بعيدََا خلف أستار الغيوم.. شعرت أن السماء تأخذك من أحضاني
ظلت تغالب الدموع المتساقطة من مقلتيها.
خاطبها .. غلبتني الشجاعة عند بوابة الرحيل.. أدرك تمامََا أن كل مافي تكويني بقي معك.. أقترب منها وكأنه يلمس حلمََا جميلََا..
حين خطوت بعيدََا عنك ظمئت لملامحك المتوجعة شعرت أن الأرض تميد تحت أقدامي وتزلزل كياني.. شعرت أن كل خطوة للإبتعاد عنك كانت خيانة.
أقتربت منه أكثر واضعة يدها المرتجفة على وجهه بنظرة تفيض التياعََا ظننت أنني فقدتك للأبد ففقدت نفسي معك.. كنت لي الحياة.. والمأوى والسكينة.. وحين تجرفني الدنيا إلى متاهاتها كنت تحتويني كيلا أسقط في خندق الموت.. فهل عدت لتعيدني إلى روح الحياة؟
أجابها : بل جئت لأنني ماعرفت الحياة بدونك.. نجاتي من دياجير العتمة كانت وهمََا.. واليقين الوحيد كان قلبك سيدتي النقية..
تضمه بشوق لايحتمل وكأنها تسترد ماسرق منها في محراب الحياة.. إبق معي أرجوك لاتعبث بقلبي.. رمم جراحه في لحظات التوجع..
رق قلبه.. مزق جواز سفره.. ألغى أوراقه الثبوتية ليؤكد لها عدم تكرار رغبة السفر وهجرانها!!!
