Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

وبالوالدين إحسانا

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

في هذا الزمن كثر عقوق الآباء والأمهات ؛ وخاصةً ممن فسد فكره ؛ وضعف دينه ؛ وخفَّ عقله ، وقد حذرنا رسولنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أزكى صلاةٍ وتسليم من معصية العقوق ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أُنَبِّئُكم بأكبرِ الكبائِرِ ؟ قُلْنا : بلى يا رَسولَ اللهِ ؛ قال : الإشراكُ باللهِ ، وعُقوقُ الوالِدَينِ … ) رواه البخاري ومسلم ؛ فأين أنت أيها العاق من أمَّك التي حملتك في بطنها تسعة أشهرٍ ؛ وعاينت الموت حين نفاسها بك ؛ وتعبت عليك حين رضاعها لك حولين كاملين ؛ رجف قلبها ؛ ودمعت عينها خوفاً عليك من المخاطر ؛ سهرت لتنام ؛ وجاعت لتشبع ؛ بذلت لك الغالي والنفيس في تعليمك وتربيتك لتعيش حياةً كريمةً في مجتمعك وبلادك ؛ لاتفرق بين كونك طفلاً صغيراً ؛ أو شاباً قوياً ؛ أو شيخاً كبيراً ؛ فأنت في نظرها القلب النابض ؛ والجوهرة الثمينة ؛ التي لايمكن التفريط فيها أبداً ؛ ولا التغافل عنها مطلقاً ؛ وكذلك أيها العاق حال أبيك معك كحال أمِّك ؛ سواءً بسواء ؛ كم يسعد لسعادتك ؛ ويشقى لشقاءك ؛ كم يدفع عنك المكاره لتسلم ؛ وكم يطلب الرزق لك لتنعم ؛ يرضى لرضاك ؛ ويسخط لسخطك ؛ ولهذه الأسباب وغيرها عظَّم الله حقَّ الوالدين ؛ وأوجب البر بهما في حال حياتهما ؛ وبعد مماتهما ؛ فقال جلَّ وعلا : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) ( الإسراء : ٢٣ – ٢٤ ) وقال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( لقمان : ١٥ ) وقال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ( الأحقاف : ١٥ ) وفي الحديث : ( جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ : يا رَسولَ اللَّهِ مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قالَ : أُمُّكَ ؛ قالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ؛ قالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ؛ قالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قالَ : ثُمَّ أبُوكَ ) رواه البخاري في صحيحه ؛ وفي الحديث أيضاً : ( بينا نحن عند رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاءه رجلٌ من بني سَلمةَ ؛ فقال : يا رسولَ اللهِ هل بَقِيَ مِن بِرِّ أَبَويَّ شيءٌ أَبَرُّهما به بعد موتِهما ؟ قال : نعم ؛ الصَّلاةُ عليهما ، والاستغفارُ لهما ؛ وإنفاذُ عَهدِهما من بعدِهما ؛ وصِلةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إلَّا بهما ؛ وإكرامُ صديقِهما ) رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : ” مامن مؤمنٍ له أبوان ؛ فيصبح ، ويمسي ؛ وهو محسنٌ إليهما إلا فتح الله له بابين من الجنة ” وقال كعب بن مالك رضي الله عنه : ” إنَّ الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه , وإنَّ الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيد براً وخيراً ” نسأل الله أن يرزقنا بر آباءنا وأمهاتنا أحياءً وأمواتاً ؛ وأن يغفر لنا ما بدر منَّا من جهلٍ أو عقوق ؛ وأن يجمعنا بهما في جنات النعيم مع النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ؛ وحسن أولئك رفيقاً . اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى