مقالات

حَذِرَةً في لَحَظَاتِ الحُبِّ

وجنات صالح ولي

وجنات صالح ولي

وَقَدْ تَأْخُذُ وَقْتًا طَوِيلًا جِدًّا حَتَّى تَتَّخِذَ خُطْوَةً وَاحِدَةً، وَرُبَّمَا تَكُونُ مَصِيرِيَّةً فِي وَقْتِهَا، لَكِنْ بَعْدَ تَفْكِيرٍ عَمِيقٍ مِنْ شَخْصِيَّةٍ مَنْطِقِيَّةً وَعَقْلَانِيَّةً. فِي وَقْتٍ مَّا لَنْ يَكُونَ اتِّخَاذُهَا لِقَرَارِهَا بِسُهُولَةً. وَحَتَّى حِينَ قَرَّرَتْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَوَّلُ لِقَاءٍ بَيْنَهُمْ، لَمْ تَتَعَمَّقْ كَثِيرًا بِعَيْنَيْهِ، وَلَمْ تَسْمَحْ لِنَفْسِهَا وَلَهُ بِأَنْ يُمْسِكَ يَدَهَا أَوْ يُلَامِسَهَا، لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَيَقِّنَةً بِأَنَّ ذَلِكَ سَوْفَ يُتْعِبُهَا وَيُقْلِقُ رَاحَةَ قَلْبِهَا وَتَفْكِيرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. عَدَا ذَلِكَ، اسْتَمْتَعَتْ بِالحَدِيثِ الشَّيِّقِ مَعَهُ، وَتَحَدَّثَتْ بِطَلَاقَةٍ مَعَهُ طَالَمَا كَانَ هُنَاكَ تَوَافُقٌ فِكْرِيٌّ بَيْنَهُمْ. وَمَعَ ذَلِكَ، تَجَنَّبَتْ أَنْ تُطِيلَ النَّظَرَ وَالتَّرْكِيزَ فِي عَيْنَيْهِ، أَوْ أَنْ تَتَجَاوَزَ حُدُودًا اقْتَنَعَتْ بِهَا، وَرَفَضَتْ أَنْ تَلَامَسَ يَدُهَا يَدَهُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ تِلْكَ اللَّمْسَةِ الحَانِيَةِ مَا سَيَحْدُثُ سَوْفَ تُخَزِّنُ فِي ذَاكِرَتِهَا بَعِيدَةَ المَدَى، وَرُبَّمَا قَدْ تَجْعَلُ مِنْ ذِكْرَيَاتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَلَمَ فَقْدٍ إِذَا ابْتَعَدَتْ عَنْهُ. كَانَتْ دَائِمًا لَا تُحِبُّ أَنْ تَعِيشَ اللَّحْظَةَ بِتَفَاصِيلِهَا وَوَقْتِهَا، بَلْ كَانَتْ عَلَى حَذَرٍ دَائِمٍ، تَقِفُ بَيْنَ مُنْعَطَفِ الحُبِّ وَالعَقْلِ وَالِاتِّزَانِ. لَمْ تُفَكِّرْ فِي إِحْيَاءِ مَشَاعِرِهَا فِي وَقْتِهَا دُونَ تَرَدُّدٍ وَخَوْفٍ، وَأَنْ تَنْدَفِعَ بِتَصَرُّفَاتِهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَاخْتَصَرَتْ لِنَفْسِهَا وَقَلْبِهَا مَسَافَةَ العَنَاءِ بِحِرْصٍ. لَكِنْ لَمْ تُدْرِكْ بِأَنَّ أَحْيَانًا أُخْرَى، أَنَّ مَا يُقْلِقُنَا فِي حَيَاتِنَا وَيُوجِعُنَا هِيَ تِلْكَ الذِّكْرَيَاتُ المُؤْلِمَةُ لَنَا مِنْ بَعْضِ الأَشْخَاصِ الَّذِينَ أَحْبَبْنَاهُمْ وَرَحَلُوا، وَبَقِيَتْ آثَارُهُمْ تَقْتُلُنَا وَتَحْتَلُّنَا، سَوَاءً بِاخْتِيَارِهِمْ أَوْ تَحْتَ وَطْأَةِ الظُّرُوفِ أَوْ بِالمَوْتِ. كُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ أَلَمٌ خَاصٌّ بِهِ، وَذِكْرَيَاتٌ مُمِيتَةً خَاصَّةً لَهُ. لِذَلِكَ لَا تَتَلَهَّفُوا لَا لِأَوَّلِ اللَّقَاءَاتِ وَلَا رَوْعَةِ البِدَايَاتِ، فَكُلُّ انْدِفَاعٍ لِقَلْبِكَ وَتَعَلُّقٍ لَهُ النَّصِيبُ الأَكْبَرُ مِنَ الخَذْلَانِ. اِمْضُوا بِدُونِ تَوَقُّعَاتٍ مَعَهُمْ، وَحَتَّى تَحْتَفِظُوا لِأَنْفُسِكُمْ بِأَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ مُفْرِطَةَ الفَرَحِ لِقَلْبِكُمْ بَعْضَ الوَقْتِ، وَبَعْدَهَا قَدْ تَتَحَسَّرُونَ عَلَيْهَا. مَا عَلَيْكُمْ، عِيشُوا بِعَفْوِيَّتِكُمْ مَعَ الأَوْقَاتِ الَّتِي تَجْعَلُكُمْ سُعَدَاءَ، فَلِنَفْسِكُمْ حَقٌّ عَلَيْهَا. وَإِنَّ مِنَ الطَّبِيعِيِّ جِدًّا أَنْ تَتَأَرْجِحَ بِنَا الذِّكْرَيَاتُ، حَتَّى لَوْ حَاوَطَنَا الحَذَرُ لَنْ نُحَدِّدَ مَا يَحْصُلُ قَبْلَ حُدُوثِهِ. رُبَّمَا كُنَّا مُخْطِئِينَ فِي طَرِيقَةِ تَفْكِيرِنَا، مَهْمَا كُنَّا حَذِرِينَ.  

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى