لا تهتم ولاتحزن


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
الهم والحزن حالاتٌ نفسية تصيب الإنسان على ذنوبٍ فعلها أو تصرفاتٍ خاطئةٍ حصلت منه ؛ أو أمورٍ مخوفةٍ توقع وقوعها مستقبلاً ؛ فيؤثر ذلك كلَّه عليه سلباً ؛ فيعلوه الحزن والهمُّ بسبب ذلك ؛ فلذا جاءت شريعتنا الغراء ؛ لتضع الدواء مكان الداء ؛ والعلاج المناسب مكان البلاء ؛ فيزول معها بإذن الله الحزن ، والهمَّ ؛ قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِى ضَيْقٍۢ مِّمَّا يَمْكُرُونَ *إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) ( النحل : ١٢٧ – ١٢٨ ) وقال تعالى : ( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة : ٤٠ )وقال صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ ، والعَجْزِ ، والكَسَلِ ، والبُخْلِ ، والجُبْنِ ، وضَلَعِ الدَّيْنِ ، وغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) رواه مسلمٌ في صحيحه ؛ فلاتحزن ولاتهتم يا اخي على مصيبةٍ حلَّت بك ؛ أو نعمةٍ سُلِبتْ منك ُ ؛ فكل شيءٍ بقضاءٍ وقدر ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( واعلَم أنَّ ما أصابَكَ لم يكُن ليُخطِئَك ، وما أخطأكَ لم يكُن ليُصيبَكَ ، واعلَم أنَّ النَّصرَ معَ الصَّبرِ ، وأنَّ الفرجَ معَ الكربِ ، وأنَّ معَ العُسرِ يُسرًا ) رواه الترمذي في سننه ؛ وحسنه السخاوي في المقاصد الحسنة رقم ١٨٨ وأنَّ من تاب من ذنبه تاب الله عليه مهما بلغت ذنوبه ؛ فرحمة ربي بعبده أعظم إذا تاب منها صادقاً ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( الزمر : ٥٣ ) وقال تعالى بعد أن ساق جملة من الذنوب ؛ ومنها الشرك بالله : ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( الفرقان : ٧٠ ) فلايحزن العبد ولايهتم على ما فاتته من أمور دنيوية ؛ ولا يخاف على ما يكون في المستقبل ؛ فالمسلم مرتبطٌ بربه ؛ متوكلٌ على الله ؛ متأهبٌ لآخرته بحسن العمل ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * یَـٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمُ ٱلۡیَوۡمَ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ * ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَكَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ * ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ أَنتُمۡ وَأَزۡوَ ٰجُكُمۡ تُحۡبَرُونَ ) ( الزخرف : ٦٧ – ٧٠ ) نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً ؛ ورزقاً واسعاً ؛ وفرحاً وسعادةً يعقبها فلاحاً في الدنيا والآخرة ؛ اللهم آمين .