غابة الذئاب.. ضوء القمر.. الفصل الثاني


سمير الشحيمي
المدينة الغائمة
زنزانة الجد العقيد، يجلس خلف مكتبه يقرأ إحدى الكتب، صوت فتح باب زنزانته فدخل جوزيف وفي وجهه ابتسامة، فقال الجد وهو لم يبعد عينيه من صفحات الكتاب: “عودة حميدة يا جوزيف.”
جوزيف: “شكراً لك أيها الجد، لقد أخرجتني من السجن الانفرادي.”
الجد: “كنت أريدك أن تبقى بالانفرادي لتجلس مع نفسك قليلاً، لكني لا أستغني عنك.”
جوزيف يضحك: “وأنا أيضاً لا أستغني عنك يا سيدي، لكن كما تعلم كنت في الوقت الخطأ في المكان الخطأ.”
الجد: “دعك من هذا كله، أريد أن تعد لي قهوة بسرعة.”
جوزيف: “أمرك أيها الجد.”
مدينة شتله الساحلية
تدخل شابة جميلة إلى المكتبة وهي تحمل على كتفها حقيبة جلدية كبيرة نوعاً ما، فيستقبلها صاحب المكتبة: “صباح الخير آنسة سالي، يا لها من زيارة جميلة في هذا الصباح الرائع.”
سالي وهي تبتسم وتضع الحقيبة الجلدية على الطاولة التي أمامها: “صباحك سعادة العم رابح، أشكرك على الكلام الجميل.”
العم رابح: “بما أنك هنا، ستتناولين معي كوباً من القهوة تعدها ابنتي نمارق الآن، سأخبرها بأن تحسب لك حساب.”
سالي: “لا شكراً عم رابح، أريد الذهاب إلى السوق لكي أتبضع قبل أن أرجع إلى المنزل، وبعدها إلى الملهى الليلي.”
العم رابح: “أنا فخور بك يا ابنتي سالي، لو كان أبوك سياف حياً لكان أيضاً فخوراً بك.”
سالي: “أتيتُ لأرجع لك الكتب التي استعرتها من مكتبتك.”
العم رابح: “المكتبة والكتب التي بها وصاحبها تحت أمرك يا سالي.”
يفتح الباب الخلفي للمكتبة وتدخل نمارق بيدها صينية بها 3 أكواب من القهوة الساخنة وهي تقول: “سمعت صوتك، وهذه قهوة الصباح لأفضل شخصين في مدينة شتله.”
سالي: “أهلاً بك يا نمارق، أجمل من يعد القهوة.”
نمارق: “سالي، كيف حالك؟”
سالي: “بخير، كيف حالك وكيف حال نسائم الصغيرة؟”
نمارق: “أنا بخير، ونسائم بالمدرسة.”
العم رابح: “ستبرد القهوة، هيا نشربها بما أنها ما زالت ساخنة.”
سالي: “أنا سأذهب، اعذروني.”
نمارق تمسك أحد الأكواب وتقدمه إلى سالي: “هذا نصيبك، لن تغادري قبل أن تشربيه، حسبت حسابك.”
سالي وهي تمسكه: “شكراً لك.”
يتناول الجميع القهوة.
مدينة الأبراج
الضابط جبران يجلس أمام المسامر، الذي قال له: “حضرة الضابط جبران، كيف لي أن أساعدك؟”
الضابط جبران: “سيد سام، من المفترض أن أستدعيك إلى مركز الشرطة لكي نحقق معك في الانفجار الذي وقع مساء أمس بالحي السكني القديم، ولكن بحكم أنك ابن العقيد آل السامر، فلك معاملة خاصة.”
المسامر: “كان بإمكانك استدعائي، فأنا رجل أحب تطبيق القانون، وليس لأحد أفضلية على أحد آخر أمام القانون، لكن مع ذلك شكراً لك. والآن، ما دخلي أنا بحادثة الانفجار الذي وقع بالأمس؟”
الضابط جبران يخرج من جيبه عدة صور يضعها أمام المسامر: “فريق الأدلة الجنائية وجد أن الرجل الذي قُتل وتم تفجير البناية التي يسكن فيها هو من رجالك.”
يمسك المسامر الصور ويقلبها ويتعمد النظر بها، ثم أعطاها لديبوا الذي قلبها قائلاً: “نعم، بالفعل إنه أحد رجالنا، ولكنه ترك العمل معنا منذ أسبوع ولا يربطنا به أي شيء.”
الضابط جبران: “الصحافة والإعلام يعلمون شيئاً واحداً فقط، أن هذا الرجل من رجال منظمة الذئب الأسود ويحمل وشم منظمتكم بكتفه. كل التقارير تؤكد لنا بأن هذا الرجل المدعو يوسف قد تم تصفيته والتخلص منه.”
المسامر: “كيف علمتم بأنه تم تصفيته؟ يوجد كثير من الجثث بالانفجار الذي وقع، حسب التقارير التي رأيتها بالتلفزيون المحلي.”
الضابط جبران: “لأن رجلكم، أو من كان بالسابق رجلكم حسب قولكم، لم يمت بالانفجار ولا يوجد به آثار حرق، بل تم ضربه ثم رميه من نافذة شقته ومات على الفور.”
ديبوا باستخفاف: “هل تظن بأننا نحن الذين أمرنا بتصفيته؟”
الضابط جبران: “لقد أتيت لكي أعرف وأكمل التحقيق، واستجوابي لكم ليس رسمياً. أستطيع تدارك الأمر وإبعادكم عن الصورة إذا كنتم فعلتم هذا الأمر.”
المسامر: “اسمع جيداً أيها الضابط جبران، تأكد جيداً أن منظمتنا وأولهم أنا ليس من أمر بتصفية أحد رجالنا الذي ترك العمل معنا بمحض إرادته. لذلك بإمكانك المباشرة بتحقيقاتك بشكل رسمي، وأنا مستعد كامل الاستعداد للدفاع عن منظمتنا أمام الجميع: الإعلام والصحافة والرأي العام، وأيضاً إذا اقتضت الضرورة الوقوف بالمحكمة، لأننا ليس لنا يد بالأمر.”
الضابط جبران ينهض من كرسيه وهو يبتسم: “إذاً، اعتبرني لم أكن متواجداً هنا اليوم معك، ولم أجري أي حديث بخصوص هذا الأمر، وسوف أوجه تعليماتي كاملة في معرفة من وراء هذا العمل الإجرامي. سأكون شاكراً لك تعاونك معنا في حال استدعيناك أنت ورجالك للتحقيق الرسمي.”
المسامر ينهض من كرسيه ويمد يده للضابط جبران: “سأقدم كل ما يلزم من تعاون لمعرفة ملابسات الحادث وإلقاء القبض على الفاعلين.”
يتصافحان ويغادر الضابط المكان. يجلس المسامر خلف مكتبه وهو متضايق جداً، وقال لديبوا: “الذي فعل هذا الأمر يريد توريطنا بأي شكل من الأشكال.”
المسامر: “أعلم ذلك.”
ديبوا: “هل تظن بأن أفراد عراب آل السامر لهم يد بالموضوع؟”
المسامر: “لا طبعاً، هذا ليس عمل أحد من أفراد عائلتي. هذا عمل لمجموعة معينة تم تكليفهم بهذا الأمر، وأريد معرفة من هم ومن الذي وجههم لفعل هذا الأمر. كل التفاصيل المتعلقة بالحادث، وأريد جميع التفاصيل الخاصة بيوسف.”
ديبوا: “حسناً، سوف أبدأ العمل الآن.”
فخرج ديبوا وترك المسامر يفكر وهو ينظر لنشرة الأخبار.
المدينة الغائمة
في العنبر، يجلس جاويد يدخن سيجارته، ينظر إلى المساجين. مر من أمامه الجد وجوزيف يدفع كرسي الجد، فقال جاويد لسجين بجانبه: “من هذا الرجل؟”
السجين: “إنه الجد العقيد، كبيرنا وزعيم المساجين هنا.”
جاويد: “كيف ذلك؟”
السجين: “لا يحدث أي شيء هنا بالسجن إلا بعد موافقته.”
جاويد ينفث دخان سيجارته: “سنرى إلى متى سيستمر بزعامته. حان موعد أن يأتي زعيم جديد هنا.”
مدينة الأبراج
تتوقف سيارة تابعة لشرطة المدينة أمام إحدى الأبراج، وهي مقر شركة السيد وارث كبير عائلة العراب آل السامر. ينزل منها الضابط جبران ويدخل إلى البرج ويعتلي المصعد حتى وصل إلى مقر الشركة بإحدى الطوابق العالية، وطلب مقابلة السيد وارث، فأدخلته السكرتيرة.
السيد وارث خلف مكتبه: “الضابط جبران، تفضل بالجلوس.”
الضابط جبران وهو يجلس: “شكراً سيد وارث.”
السيد وارث: “كيف كانت مقابلتك مع المسامر؟ هل وافق بتغطيتك للأمر؟”
الضابط جبران: “لا للأسف سيد وارث، لقد رفض السيد سام وطلب مني العمل والإسراع في كشف ملابسات القضية.”
السيد وارث ينهض من كرسيه ويمسك بيده عصاه الغليظة ويتجه إلى النافذة المطلة على المدينة وهو يقول: “بما أنه رفض، سوف يقوم بالبحث والتحري بنفسه، وهذا الشيء سوف يجعله يواجه الذين قاموا بهذه العملية، وأنا لا أريد هذا الأمر يحدث، على الأقل هذه الفترة.”
الضابط جبران: “ماذا تأمر به سيد وارث؟”
السيد وارث: “حاول عرقلة تحريات المسامر وعدم معرفته بالذين قاموا بهذا العمل إلى أن أنهي بعض الأمور معهم.”
الضابط جبران: “أمرك سيد وارث.”
يستمر السيد وارث بالنظر من النافذة على المدينة وأبراجها.
يتبع…